
وحدة رصد الأزمات الدولية | ملف شرق المتوسط
يتوجه وزير الخارجية الألماني إلى أثينا اليوم الثلاثاء ثم إلى أنقرة بهدف تخفيف التوتر بين اليونان وتركيا التي تسبب تنقيبها منفردة عن النفط والغاز في شرق المتوسط بأزمة إقليمية. وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن زايبرت للصحافيين الاثنين: "من الضروري أن تبقى ألمانيا في حوار مع الطرفين (لأن) الهدف هو أن تحل اليونان وتركيا خلافاتهما مباشرة".
كما أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستوفر برغر أن "هذه الجهود (الوساطة) ضرورية" للتهدئة و"إيجاد حل للتوترات"، وعليه سيزور الوزير هايكو ماس الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، العاصمتين الثلاثاء. وأضاف برغر "نخشى أن تستمر التوترات في التأثير على العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي وأن يكون لمزيد من التصعيد عواقب وخيمة".
ورداً على سؤال عن زيارة الوزير الألماني لأثينا خلال مؤتمر صحافي الاثنين، قال المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيتساس إن أي مبادرة تتخذها ألمانيا، بصفتها قوة عظمى في أوروبا، "ستكون ذات أهمية خاصة". وتدارك "لكن يجب أن يكون محاوروها موثوقين. يجب أن تثبت تركيا مصداقيتها".
| تحليل الحدث |
تعود الوساطة الألمانية مرة أخرى لمحاولة نزع فتيل الأزمة في شرق المتوسط بعد أن نجحت في عقد محادثات ثنائية بين الجانبين في المرة الأولى، ويذهب وزير الخارجية الألماني الى شرق المتوسط متسلحا بعاملين مهمين :
الأول هو التفاهم بين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وبين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول شرق المتوسط وضرورة خفض التصعيد، وكانت محادثات مهمة حول هذا الجانب انعقدت بين ميركل وماكرون في زيارتها الأخيرة الى فرنسا قبل أيام والتي استبقها الرئيس الفرنسي بانتقاد الدبلوماسية الضعيفة للاتحاد الأوروبي .
ولكن يبدو بأن ميركل حاولت فرملة الاندفاع الفرنسي لإعطاء فرصة للجهود الدبلوماسية التي تقودها برلين للتهدئة بين الجانبين، مع التأكيد على امكانية اتخاذ الاتحاد الأوروبي لكافة الخيارات الممكنة في حال فشل الوساطة الألمانية والفشل في تهدئة التصعيد، ومن هذه الخيارات امكانية فرض عقوبات على تركيا كما ألمح البيان الأوروبي الثلاثي بين فرنسا وألمانيا وايطاليا والذي صدر قبل أسابيع وألمحت ميركل شخصيا الى امكانية اللجوء الى هذا الخيار .
كما أن الخيارات التصعيدية تم اتخاذها من قبل فرنسا بإرسال قوات عسكرية الى شرق المتوسط مع استعداد الأوروبيين للتحرك بشكل جماعي بهذا الخصوص، بمعنى أن عامل استعراض القوة وتحقيق التوازن العسكري قد تحقق، ولا تزال فرنسا وألمانيا تحاول تبادل الأدوار في القضايا الخارجية للاتحاد الأوروبي بين طرف يقود التصعيد والتلويح بالقوة العسكرية وطرف يقود الوساطة والخيارات الدبلوماسية .
ومن خلال التصريحات الدبلوماسية لقادة الدول المعنية بالتصعيد في شرق المتوسط فإن الجميع يدعو الى خفض التصعيد والحوار مع التلويح بالقوة و أوراق الضغط التي يملكها كل طرف، ويبدو بأن الوضع أصبح معقد في اللحظات الأخيرة بعد اعلان الجانبين التركي واليوناني عن مناورات بحرية عسكرية في مناطق متقاربة في شرق المتوسط .
العامل الثاني الذي يدعم جهود هايكو ماس هو الدور الأمريكي الضاغط على الأطراف المعنية والذي لا يرغب بأي توتر عسكري في هذه المنطقة بين حلفائه في الناتو قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر القادم، وكانت أخر التحركات الأمريكية هي لقاء وزير الخارجية الأمريكي مع نظيره اليوناني في فيينا واتصاله لاحقا مع وزير الخارجية التركي تشاويش أوغلو، مع الإبقاء على الاتصالات متزامنة مع كل من تركيا وفرنسا واليونان وألمانيا .
وتبدو وساطة ألمانيا ممكنة في هذه المرحلة الحساسة في ظل تمتعها بعلاقات جيدة مع الجانب التركي وشبه تفويض من الجانبين اليوناني والفرنسي، ولكن ألمانيا تضع ضمن خياراتها أيضا حساسية الموقف بالنسبة للمصالح الأوروبية في شرق المتوسط وتعرف جيدا بأن هذه التحركات هي الفرصة الأخيرة قبل الذهاب الى التصعيد الأقصى بين الجانبين التركي والأوروبي، ولذلك تعطي أهمية كبيرة لدفع الأطراف الى الحوار وعدم الاضطرار الى الدخول في مواجهة قد تؤدي الى نتائج سلبية جدا على الطرفين .
ومن خلال تحركات الدبلوماسية الألمانية بما يتعلق بنزع فتيل التوتر في ليبيا والتوصل الى وقف لإطلاق النار، فإن الفرصة مواتية أيضا لهايكو ماس في النجاح في شرق المتوسط أيضا ونزع فتيل تصادم سياسي قد يتطور ليكون تصادم بالقطع البحرية في مرحلة انفلات في إدارة الأزمة بين الجانبين وهذا ما لا تريده ألمانيا في هذا التوقيت الحساس .
وحدة رصد الأزمات الدولية | ملف شرق المتوسط
مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية
www.centredegeneve.org
Kommentare