
وحدة رصد الأزمات الدولية | الملف السوري
تنطلق اليوم الاثنين في جنيف الجولة الثالثة لمشاورات اللجنة الدستورية السورية بعد توقف لتسعة أشهر، على أن تستمر خمسة أيام، واعتبر الاتحاد الأوروبي أن مباحثات اللجنة الدستورية فرصة لخلق ظروف الحل السياسي، داعيا أطراف اللجنة إلى بحث جوهر القضايا المطروحة. وأضاف أن اجتماع اللجنة إشارة إيجابية.
وعشية بدء الجولة الثالثة، عقد الوفد الممثل لهيئة التفاوض السورية في اللجنة الدستورية، اجتماعاً مع المبعوث الأميركي جيمس جيفري وفريقه.
وأكد الوفد على أهمية اللجنة الدستورية السورية كجزء أساسي من العملية السياسية الشاملة وفق القرار 2254، مشدداً على ضرورة إحراز تقدّم في عمل اللجنة لوضع مسودة دستور جديد لسوريا، بما يعبّر عن تطلعات الشعب السوري، وعلى اعتبارها خطوة باتجاه الحل السياسي الشامل لإنهاء معاناة الشعب السوري.
من جهته، تحدث جيفري عن أهمية عمل اللجنة ضمن التنفيذ الكامل للقرار 2254، وإنجاز مهمتها بأسرع وقت مما يسرع برفع المعاناة عن الشعب السوري، وأكد في هذا السياق على التأييد والدعم الكامل لدور الأمم المتحدة في تيسير أعمال اللجنة والعملية السياسية بشكل عام.
| تحليل الحدث |
تتلخص اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف بجملة قالها المبعوث الأممي الى سوريا غير بيدرسون " لا يمكن توقع المعجزات "، وهذا ما يعطي صورة واقعية للأوضاع على الساحة السورية، فلا تغيرات على الأرض أو الإرادات السياسية الدولية الفاعلة في سوريا حتى يتغير الوضع في عمل اللجنة الدستورية والدفع بها نحو بداية تحقيق النتائج الإيجابية .
وبناء على عدم اكتمال كل المحادثات أو الاتفاقات الروسية الأمريكية التي كان يتم الحديث عنها من قبل المسؤولين الأمريكيين والروس في الفترة الأخيرة فلا يمكن توقع أي نتائج من عمل اللجنة الدستورية السورية .
ويبدو بأن غير بيدرسون يحاول أن يتبع طريق جديد أو مختلف في آليات عمل اللجنة الدستورية عبر طرح فكرة اللقاءات الثنائية بين وفدي المعارضة والنظام، وعلى الرغم من عدم توقع أي نتائج ايجابية من هذه الاجتماعات إلا أنها قد تعطي بعض المؤشرات التي يمكن أن تسير اتجاهات عمل اللجنة الدستورية .
استقلالية عن المسارات السياسية والعسكرية …
قد تبدو فكرة استقلالية عمل اللجنة الدستورية غير واقعية ومستبعدة في الوقت الراهن ولكن بالنظر على عدم تحقيق أي نتائج منذ تشكيل اللجنة وبداية عملها الى الوصول الى الجولة الثالثة قد يدفع بهذا الاتجاه، ومن أهم أسباب إعاقة عمل اللجنة الدستورية هو الخلافات السياسية على الأرض بين الأطراف الدولية الفاعلة في الملف السوري .
ومن خلال الأخذ بهذه الأسباب فيبدو بأن الأمم المتحدة والبعثة الأممية قد تدفع باستقلالية اللجنة وعملها في كتابة دستور جديد للبلاد أو وضع الثوابت الأساسية لهذا الدستور حتى يكون جاهزا لأي تسوية سياسية قادمة، وإن فشل هذا المسعى فإن الهدف سيكون الجمع بالنقاط الاتفاقية بالحد الأدنى بين وفود اللجنة الدستورية المصغرة .
ورقة الضغط الأمريكي …
ووهنا تلوح في الأفق ورقة الضغط الأمريكي الأبرز وهي انشاء اقليم فيدرالي في شمال شرق سوريا بقيادة قوات سوريا الديمقراطية، وتوقيع الاتفاق النفطي المهم بين قسد والشركات الأمريكية لإدارة وتطوير حقول النفط والغاز التي تقع تحت سيطرة قسد هو مؤشر على أن الولايات المتحدة قد بدأت بتوفير العامل الثاني لإنشاء أي اقليم فيدرلي وهي قوة الرافد الاقتصادي بعد أن وفرت لهم سابقا قوة الدعم العسكري .
ومن خلال هذا التلويح الأمريكي بهذا الاتجاه فإن الأطراف الثلاثة في الملف السوري " النظام في دمشق وروسيا وتركيا " قد يدفعون نحو تحقيق بوادر ايجابية في الحل السياسي لقطع الطريق على المشروع الأمريكي الذي بدأت ملامحه تلوح في الأفق، على الرغم من عدم وضوح الرؤية الأمريكية في سوريا في عهد ترامب والتي تتأرجح ما بين الانسحاب أو البقاء بشكل استراتيجي، وإن كانت على المدى البعيد الخطة هي الانسحاب .
وبالمجمل لا يمكن توقع الكثير من اجتماع الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية ولكن يمكن أن نتحدث عن تحقيق اختراق ما في اتجاهات عمل اللجنة ودورها في الفترة القادمة .
وحدة رصد الأزمات الدولية | الملف السوري
مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية
www.centredegeneve.org
Comments