
وحدة رصد الأزمات الدولية | الملف الليبي
باريس 18 يناير 2021 : لا زالت التطورات المتسارعة هي التي تحكم الملف الليبي في الأيام الماضية، فبعد تعيين الدبلوماسي السلوفاكي " يان كوبيش "مبعوث دائم للأمم المتحدة في ليبيا تم الاتفاق بين أعضاء اللجنة الاستشارية المصغرة لملتقى الحوار السياسي الليبي على آلية اختيار الأسماء التي ستمثل المناصب التنفيذية في الحكومة والمجلس الرئاسي .
وأعلنت الممثلة الأممية في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، أن ملتقى الحوار السياسي (75 عضوا) سيصوت على آلية لاختيار السلطة التنفيذية المؤقتة اليوم الإثنين.
وأوضحت وليامز في مؤتمر صحفي بجنيف، السبت، أن اللجنة الاستشارية الليبية (18 عضوا) توصلت (خلال اجتماعها بجنيف) إلى اتفاق على مقترح آلية اختيار السلطة التنفيذية المؤقتة (رئاسة المجلس الرئاسي وعضوية المجلس ورئاسة الوزراء).
وأضافت: "الإثنين المقبل سيصوت أعضاء ملتقى الحوار السياسي (يمثلون أحزاب وقبائل ونشطاء وأعضاء بمجلسي النواب والدولة) على المقترح".
وأوضحت أن "المقترح الذي صاغته اللجنة الاستشارية يشمل أن يقوم كل مجمع انتخابي (في الأقاليم طرابلس وبرقة وفزان) على حدة بتسمية ممثل له، معتمدين مبدأ التوافق في الاختيار بنسبة 70 بالمئة".
وأضافت: "وإذا تعذر ذلك يتم التوجيه لتشكيل قوائم من كل الأقاليم، حيث تكون كل قائمة مكونة من 4 أشخاص، كل منهم يحدد المنصب الذي يترشح إليه سواء في رئاسة المجلس الرئاسي أو عضويته أو رئاسة الوزراء".
وتابعت وليامز: "لكي تدخل القائمة التصويت يجب حصولها على 17 تزكية، 8 من الغرب، 6 من الشرق، 3 من الجنوب".
وأردفت: "وتفوز القائمة التي تحصل على 60 بالمئة من الأصوات بالجولة الأولى، وإن لم تحصل أي من القوائم على هذه النسبة تتنافس في جولة ثانية القائمتان صاحبتا الأعلى نسبة على أن تفوز منهما من تحصد 50+1".
وأكدت. ويليامز أن "هذا القرار أفضل حل وسط تم التوصل إليه يحترم البعد الإقليمي ويشجع العمل عبر الأقاليم".
وقالت إن الأمم المتحدة لن تشارك في تشكيل القوائم، مضيفة أن "هذا الحل ليبي ـ ليبي، ودورنا الدعم والتيسير"، ولفتت إلى أنه في ظل جائحة كورونا سيكون التصويت الإثنين، عن بعد، على مدار 24 ساعة، وستعلن النتائج الثلاثاء، عقب فرز الأصوات.
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أنه "تم الاتفاق على أن تكون العتبة (نسبة التصويت الإجمالية) لأول جولة 63 بالمئة من هؤلاء المشاركين".
وأضافت: "إذا لم تحقق هذه النسبة فستعقد جولة ثانية من التصويت بعد يومين، والعتبة المطلوبة للاتفاق 50 +1".
وأكدت أن تلك السلطة "ستكون موحدة مؤقتة، وستحل محلها حكومة منتخبة ديمقراطية، سينتخبها الشعب الليبي في 24 ديسمبر (الانتخابات البرلمانية والرئاسية) من هذا العام".
وفي وقت سابق، كشف عضو باللجنة الاستشارية، للأناضول، معظم المعلومات التي ذكرتها وليامز في المؤتمر.
ـ دعم أوروبي أمريكي للحوار السياسي وتحذيرات للمغرقلين ..
بالتزامن مع كل هذه التحركات برزت بعض المواقف الدولية لتدعم التقدم السياسي الذي تم
إحرازه في الأيام الأخيرة ومحذرة أيضا الأطراف التي قد تعرقل الحوار السياسي .
حيث أعربت الولايات المتحدة بأن الوضع الحالي يتعين استخدام كل الأدوات المتاحة لمنع عرقلة الحوار الليبي وأن الوقت قد حان لتجاوز الصراع والفساد الذي سهله الوضع الراهن، وأعربت فرنسا عن استعدادها لاتخاذ إجراءات ضد من يعرقلون الحوار السياسي الليبي.
وقالت ألمانيا بأن الأسابيع القادمة ستكون فرصة لإثبات إرادة التغيير في ليبيا .
وعلى الرغم من التصريحات الدولية الداعمة للحوار السياسي إلا أن التدخلات الدولية الداعمة لطرفي الصراع الليبي كانت دائما عائقا أساسياً أمام الوصول الى حل سياسي وتوافق بين الأطراف السياسي الليبية .
ويبدو بأن الأطراف الدولية تريد الدفع نحو توافق داخلي ليبي بين الأطراف السياسية والوصول الى توافق حول الشخصيات التي ستقود المرحلة الانتقالية حتى الوصول الى انتخابات ديسمبر القادم .
وتحاول الأطراف الدولية الفاعلة في ليبيا تأجيل المواجهة المحتومة فيما بينها الى المرحلة الأخيرة من مسارات الحل الشامل في الحل الليبي .
ـ الموقف الأوروبي وإعادة تشكيل التحالفات ..
الموقف الأوروبي تراجع خطوة الى الخلف في الأسابيع الأخيرة من أجل إفساح المجال أمام البعثة الأممية وستيفاني ويليامز من أجل الوصول الى توافق داخلي ليبي، وهنا نتحدث عن الموقف الأوروبي الموحد " ألمانيا - فرنسا - إيطاليا " .
وتوجد قناعة معينة لدى الأوروبيين بأن خارطة التحالفات الدولية ستتغير في ليبيا بعد وصول جو بايدن الى البيت الأبيض، وبالتالي فإن الموقف الأمريكي قد يكون متناغم أكثر من الموقف الأوروبي خاصة مع رغبة بايدن بإصلاح الشرخ في العلاقات الذي أحدثه ترمب بين ضغتي الأطلسي، وحتى وإن كانت سياسة بايدن لم تكن بحسب الرغبة الأوروبية فإن الموقف الأمريكي على الأقل سيتخلى عن الحيادية والضبابية في المواقف السياسية لدورها في ليبيا .
كما أن سياسة إعادة التموضع ومحاولة تصفير المشاكل التي تتبعها تركيا في الفترة الأخيرة قد تكون عامل أخر في حلحلة التعقيد في الاشتباك الدولي في ليبيا .
ولكن الثنائي الأوروبي المتنافس في ليبيا " فرنسا وإيطاليا " لم يتوقفوا عن التحركات الدبلوماسية خلف الكواليس وعقد حوارات مع شخصيات ليبية من أجل استكشاف المواقف ومدي استعداد كل طرف لحشد واستخدام أوراق الضغط التي يمكن أن تستخدمها للحصول على أكبر قدر من المصالح السياسية والاقتصادية .
وهنا نتحدث عن اللقاءات التي عقدها السراج وشخصيات ليبية أخرى مع الأطراف الإيطالية، كما أن باريس استضافت فتحي باشاغا وعقيلة صالح في مناسبتين مختلفتين .
كما أن تركيا أيضا ليست بعيدة عن هذه التحركات حيث تعقد لقاءات مع أطراف قريبة منها داخل حكومة الوفاق .
وبالتالي فإن الموقف سيتطلب عاجلا أم آجلا جولة من الصراع والضغوط بين الأطراف الدولية لافاعلة في ليبيا من أجل تحديد الأدوار والمصالح التي سيتمتع بها كل طرف، وربما نشهد مؤتمر دولي جديد مشابه لمؤتمر برلين الذي كان نقطة محورية في مسارات الحل السياسي في ليبيا عبر اللجان الثلاثة التي انبثقت عنه وهي اللجان " السياسية والعسكرية والاقتصادية "
وحدة رصد الأزمات الدولية | الملف الليبي
مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية
Comments