
وحدة رصد الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
باريس 18 أبريل 2021 - "بعد نقاشات مكثفة .. تم إحراز تقدم في مهمة ليست سهلة على الإطلاق"، بهذه الكلمات غرد بالأمس ممثل الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا الذي يدير المفاوضات حول الملف النووي الإيراني في فيينا، ويمكن اعتبار هذا التقدم نقطة إيجابية في ظل التصعيد الإيراني بزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم الى 60٪ بعد هجوم مفاعل نطنز النووي .
ويبدو بأن هناك توجه لدى الأطراف الدولية المجتمعة في فيينا وخصوصا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاعتبار بأن خطوة إيران هي استعراضية فقط في إطار حفظ ماء الوجه بعد الهجوم والضرر الكبير في مفاعل نطنز، ويمكن اعتبار بأن القوى الدولية تركت قضية تقييم خطوات إيران بتخصيب اليورانيوم وحجمه انتظارا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكدت بدء إيران بهذه الخطوة .
بدوره، تحد
ث السفير الروسي في فيينا ميخائيل أوليانوف عن "تقدم استقبله المشاركون بارتياح" إضافة إلى "عزمهم مواصلة المفاوضات بهدف استكمال المسار في أقرب وقت".
وأكد المسؤول الروسي أن النقاشات ستتواصل الأحد والأسبوع المقبل على الصعيد التقني.
أما إيران التي أعلنت بنفسها الجمعة بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، في أكبر تراجع حتى الآن عن بنود اتفاق فيينا، فتحدثت عن "هدف نهائي مشترك"، لكنها شدّدت على استمرار وجود "خلافات جدية".
وقال رئيس الوفد الإيراني عباس عراقجي السبت في تصريحات نقلتها وكالة فارس "يبدو أنه يتم تشكيل تفاهم جديد وهناك أرضية مشتركة بين الجميع الآن. معالم المسار الذي يجب قطعه باتت معروفة نوعا ما. بالطبع لن يكون هذا المسار سهلا".
وأضاف "اختلاف وجهات النظر لم ينته بعد، وهناك اختلافات في وجهات النظر يجب تقليصها خلال المحادثات المقبلة".
وتابع "المفاوضات وصلت الآن إلى مرحلة يمكن فيها للأطراف البدء في العمل على نص مشترك ... على الأقل في المجالات التي تلتقي فيها الآراء".
ـ مرونة المواقف بعد هجوم نطنز ..
من غير الواضح الى الأن حجم الضرر الحقيقي الذي سببه هجوم مفاعل نطنز النووي الإيراني ولكن ما يمكن اعتباره مؤشرات على أن هذا الهجوم حقق نتائج جيدة هو تلك المرونة التي تبديها الأطراف الدولية وخصوصا الولايات المتحدة في ردة الفعل على تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60٪، أي اعتبار بأن أي خطوة تجاه هذا القبيل قد يمكن فرملتها وتأخيرها في سباق الزمن بين التوصل الى اتفاق جديد حول الملف النووي أو وصول إيران الى خطوات كبيرة تمكنها من امتلاك السلاح النووي .
فقد عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن عن أسفه لأن قرار إيران لا يُساعد "إطلاقا" في إنهاء الجمود، لكنه أضاف أن واشنطن "راضية لرؤية أن إيران تُواصل المشاركة في المناقشات".
كما أن ردة الفعل الأوروبية لم تكن تصعيدية وقاسية بالشكل الكبير الذي كانت عليه عندما اتخذت إيران خطوة تخصيب اليورانيوم الى نسبة 20٪ في وقت سابق من مسار التصعيد حول الملف النووي الإيراني، وبالتالي هناك مسارين بين اعتبار خطوة إيران رد مؤقت على خطوة استهداف منشأاتها النووية ومسار أخر يطمئن على امكانية فرملة وتأخير البرنامج النووي الإيراني من دون الذهاب الى مواجهة عسكرية مفتوحة .
ـ بوادر تفاهم جديد بين طهران و واشنطن ..
قال رئيس الوفد الإيراني عباس عراقجي السبت في تصريحات نقلتها وكالة فارس "يبدو أنه يتم تشكيل تفاهم جديد وهناك أرضية مشتركة بين الجميع الآن. معالم المسار الذي يجب قطعه باتت معروفة نوعا ما. بالطبع لن يكون هذا المسار سهلا".
ويمكن البناء على هذه التصريحات بأن إيران تنازلت عن شرطها الأساسي رفع العقوبات الأمريكية قبل أي مفاوضات قادمة وهنا يمكن الذهاب الى آلية " خطوة بخطوة "، كما طرحت عدة أطراف هذا المسار ولكن سيعتمد على حجم هذه الخطوات في رفع العقوبات والمقابل الذي تريده الولايات المتحدة من إيران .
وعلى الرغم من زخم التصريحات الدبلوماسية التي تتحدث عن تحقيق تقدم في المفاوضات ولكن على أرض الواقع لم يتحقق شيء بعد كما أن هناك الكثير من التعقيدات التي سناقشها وفدي الولايات المتحدة وإيران عند عوتهم الى بلادهم للتشاور حول ما تم التوصل اليه قبل توقيع أي اتفاق أو تفاهمات جديدة .
كما أن كل من إيران والولايات المتحدة تريد الإسراع بوتيرة المفاوضات والتوصل الى حلول مرضية من أجل نقطتين مهمتين الأولى تتمثل في الانتخابات الرئاسية الإيرانية القادمة واحتمال وصول المتشددين الى السلطة بشكل أوسع، والنقطة الثانية أي خطوة إسرائيلية أخرى تستهدف برنامج إيران النووي وتضع الجميع في حرج قد يوقف هذه المفاوضات عند حد معين .
مشكلة هذه المفاوضات تكمن في أنها تأتي في إطار مواجهات مفتوحة ومستعرة بين الولايات المتحدة وروسيا في الوقت الحالي بالإضافة الى مواجهة أخرى بين الصين والولايات المتحدة يجد الاتحاد الأوروبي نفسه منخرط فيها بشكل أو بأخر .
ويمكن لهذه الأطراف المتشابكة في مواجهات مفتوحة وتجتمع اليوم في فيينا أن تقرر في أي لحظة استخدام ورقة إيران في ملف الضغوط المتبادلة في المواجهة الدبلوماسية المفتوحة خاصة أن ملفات مثل أوكرانيا بدأت بالصعوذ الى الصفيح الساخن في هذه المواجهات المتتابعة .
ولكن الخطوة الأولى في جمع الولايات المتحدة وإيران في فيينا تعتبر إيجابية فقط من أجل تحقيق اختراق في المسار الدبلوماسي المتجمد حول الملف النووي الإيراني، وتبقى مسألة النتائج مرهونة بالوقت والتطورات الدولية وتنازل كلا الطرفين .
كما أكد مسؤول في الاتحاد الأوروبي الجمعة، إن المحادثات الرامية لإنقاذ الاتفاق المبرم عام 2015 ستستمر بضعة أيام تعقبها فترة توقف حتى يتسنى للمسؤولين الإيرانيين والأمريكيين العودة إلى بلادهم للتشاور.
وحدة الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية
Comments