
وحدة دراسات الاقتصاد السياسي | ملف البريكست
باريس 18 ديسمبر 2020 : تستمر مفاوضات الساعات الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا للتوصل الى اتفاق تجاري بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 ديسمبر الحالي، وتستمر هذه المفاوضات اليوم الجمعة في ظل انقسام شديد حول مسإلة حقوق الصيد البحري والتي تبدو القضية الأكثير تعقيدا والتي تعيق التوصل الى اتفاق نهائي بين الجانبين .
وطالب البرلمان الأوروبي بأن يطّلع على نص أي اتفاق بحلول يوم الأحد على أبعد تقدير، فيما تقول حكومة المملكة المتحدة إنها لن تسمح للمحادثات بتجاوز موعد 31 كانون الأول ديسمبر.
وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه للبرلمان الأوروبي "إنها لحظة الحقيقة. لم يتبق لدينا سوى القليل من الوقت، بضع ساعات فقط لإنجاح هذه المفاوضات... إذا كنتم تريدون أن يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني/يناير".
وأوضح بارنييه الذي توجه إلى المحادثات الأخيرة مع نظيره البريطاني ديفيد فروست فور لقائه أعضاء البرلمان الأوروبي، إن مسألة الصيد البحري ما زالت نقطة الخلاف الرئيسية.
وقال "لا أظن أنه سيكون من العدل أو المقبول ألا يسمح للصيادين الأوروبيين... بالوصول إلى تلك المياه".
وبعد مغادرتها رسميا الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/يناير، ستخرج المملكة المتحدة نهائيا من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي في 31 كانون الأول/ديسمبر، مع اتفاق أو من دونه.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق تجاري، ستتم المبادلات بين لندن وبروكسل وفق قواعد منظمة التجارة العالمية، ما قد يعني فرض رسوم جمركية أو حصص.
والخروج بدون اتفاق تجاربي سيعني صدمة اقتصادية قاسية ستتسبب بأضرار شديدة بين الجانبين الأوروبي والبريطاني ولكن تأثيرها سيكون في المملكة المتحدة بشكل أكبر من دول الاتحاد الأوروبي التي ترتبط باقتصاد وثيق قوامه 27 دولة .
وعلى ما يبدو فإن جونسون لا يعطي أهمية لقضية الخروج بدون اتفاق وتأثيراتها المحتملة وسواء كان يناور بسياسة حافة الهاوية التي اتبعها دائما مع دول الاتحاد الأوروبي أم لا فإن خطر الخروج بدون اتفاق أصبح قائما بشكل فعلي .
ـ اتصالات مستمرة بين جونسون وفون دير لاين ..
استمرت الاتصالات بين الجانبين الخميس، حيث أجرى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين محادثة هاتفية فشلت في كسر جمود المحادثات التجارية.
وقالت فون دير لايين مساء الخميس إن تجاوز الخلافات بين لندن والاتحاد الأوروبي في مفاوضات ما بعد بريكست سيكون "صعبا للغاية"، بعد المحادثة الهاتفية.
ومن الجانب الآخر، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية "أكد رئيس الوزراء أن المفاوضات الآن في وضع خطر".
وحذر من أن "الوقت بات قصيرا جدا ويبدو الآن أنه من المحتمل جدا ألا يتم التوصل إلى اتفاق ما لم يغير الاتحاد الأوروبي موقفه".
وكتبت فون دير لايين في تغريدة على تويتر "قمنا أنا وبوريس جونسون بتقييم المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. ورحبنا بإحراز تقدم كبير في الكثير من القضايا. ومع ذلك، لا تزال هناك اختلافات كبيرة، ولا سيما بشأن الصيد. سيكون تجاوزها صعبا للغاية. المفاوضات ستستمر غدا (الجمعة)".
ومن جهنه أكد ميشال بارنييه أن مسألة الصيد البحري السمك ما زالت تمثل نقطة الخلاف الرئيسية فيما يتقارب الجانبان بشأن القواعد الأوسع لضمان المنافسة العادلة.
وشدد على أن قضية الصيد البحري لا يمكن تجاوزها "نقارب الأمور كوحدة متكاملة. لا اتفاق على شيء قبل الاتفاق على كل شيء".
وتصر بريطانيا على أن قرار السماح بالصيد البحري في مياهها يعود إليها بعد الأول من كانون الثاني/يناير لكن بروكسل تريد تأمين اتفاق طويل الأمد يضمن دخول قوارب الاتحاد الأوروبي إليها.
وقال بارنييه "لا أظن أنه سيكون من العدل أو المقبول ألا يسمح للصيادين الأوروبيين... بالوصول إلى تلك المياه".
وتبدو فرنسا متشددة في موقفها بما يتعلق بقضية الصيد البحري لأنها معنية بهذه القضية بشكل كبير بالنظر الى مصالح قطاع الصيد البحري الفرنسي الذي سيتأثر بشدة في حال الخروج بدون اتفاق .
ـ مناورات لتحقيق مكاسب أخيرة قبل الاتفاق النهائي ..
يرى كثر في بروكسل أن الخطاب المحموم من الجانبين كان بمثابة مناورة لتحقيق مكاسب في اللحظات الأخيرة قبل توقيع الاتفاق الذي يقال إنه جاهز بنسبة 95 في المئة.
وقال عضو البرلمان الأوروبي ورئيس الوزراء البلجيكي السابق غي فيرهوفستات لمحطة سكاي نيوز "الأمر دائما على هذا النحو في السياسة. تنجز الأمور دائما في النهاية".
ويبدو فيرهوفستات محقا في هذه القضية فعلى مسار محادثات البريكست المعقدة التي استمرت لأربع سنوات كانت دائما القضايا الخلافية تحل في اللحظات الأخيرة.
أي أن الجانبين يدخلون في مناورات لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة قبل التوصل الى اتفاق نهائي أو حل للقضايا الخلافية العالقة، ولكن الأوروبيوون يتهمون الحكومات البريطانية باللعب بهذه الورقة وخاصة بوريس جونسون وحكومته، فالوضع كان أسها نوعا ما مع تيريزا ماي .
ومع ذلك، وبينما كان يستعد للتوجه إلى بروكسل لرؤية فروست، بدا بارنييه متشائما.
وصرح لأعضاء البرلمان الأوروبي "أظن أنني كنت دائما صريحا معكم ومنفتحا وصادقا".
وتابع "لا أستطيع أن أقول ما سيحدث خلال هذه الجولة الأخيرة من المفاوضات. علينا أن نكون مستعدين لكل الاحتمالات".
وهذه الجملة التي قالها ميشال بارنييه يمكن أن تكون كلمة الفصل في مسار المفاوضات بين الجانبين " الاستعداد لكل الاحتمالات " ويبدو الاتحاد الأوروبي مستعدا جيدا لهذا الاحتمال وتحرك طوال العامين الماضيين لتحصين نفسه تجاه هذه الفرضية .
ولكن من المؤكد فإن كلا الجانبين لا يرغبون بالدخول الى خطر الهزات الاقتصادية الارتدادية نتيجة الخروج بدون اتفاق، خاصة وأن الجانبين يعانون من الضربات الاقتصادية السلبية التي تسببت بها جائحة كورونا، ولذلك تبدو فرضية الخروج باتفاق دائما هي الأقرب .
وحدة دراسات الاقتصاد السياسي | ملف البريكست
مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية
Commentaires