
مركز جنيف للدراسات | الملف النووي الإيراني
باريس 21 فبراير 2021 : تتسارع الأحداث والتطورات في الملف النووي الإيراني في طل الخطوات التصعيدية التي أعلنت عنها طهران بما بتعلق بوقف البروتوكول الإضافي ومنع عمليات التفتيش المفاجئة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخفض عدد المفتشين التابعين للوكالة، وفي هذا الإطار وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي مساء السبت 20 فبراير 2021 الى إيران، وتتلخص مهمة غروسي بالتوصل الى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين يقضي بإيجاد صيغة مرضية للطرفين لعمل المفتشين التابعين للوكالة بعد خطوة إيران الأخيرة .
وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية و رئيسها غروسي للتوصل الى صيغة تضمن قدرة مفتشي الوكالة على مراقبة نشاطات إيران التصعيدية المتوقعة بما يتعلق بتخصيب اليورانيوم بنسب كبيرة، وزادت شكوك الوكالة بالإضافة الى الأطراف الغربية بعد الكشف عن انتاج إيران لكميات محدودة من اليورانيوم المعدني الذي يستخدم بصناعة الأسلحة النووية .
وكانت الولايات المتحدة قد وافقت في وقت سابق على المشاركة في محادثات تضم إيران وقوى دولية بغية إحياء اتفاق نووي تاريخي.
وقال دبلوماسي فرنسي لوكالة رويترز مساء الخميس، إن الحكومة الأمريكية أبدت استعدادها للتحدث مع إيران خلال اجتماع مشترك مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، أي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، إضافة إلى ألمانيا.
وحذر المصدر الفرنسي من أن إيران ستواجه "إجراء صارما" إذا مضت قدما في تعليق البروتوكول الإضافي للاتفاق النووي على الرغم من تحذيرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، أن إيران تدرس اقتراحا من الاتحاد الأوروبي بعقد اجتماع غير رسمي بين الأعضاء الحاليين في اتفاق طهران النووي المبرم عام 2015 والولايات المتحدة، لكنها لم ترد عليه بعد.
وقال عراقجي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي "ندرس اقتراح جوزيب بوريل بعقد اجتماع غير رسمي لأعضاء الاتفاق النووي 4 + 1 مع الولايات المتحدة وإيران، ونتشاور مع شركائنا، بما في ذلك روسيا والصين، وسنرد على هذا الاقتراح في المستقبل. ولكن نعتقد أن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لا تتطلب اجتماعا، وأن السبيل الوحيد لها هو رفع العقوبات".
أي أن إيران لا زالت غير حاسمة في الموافقة على المشاركة في المفاوضات التي دعا اليها الاتحاد الأوروبي من عدمه، وتدرك إيران بأن جلوسها على طاولة المفاوضات سيعني البدء بالحديث عن الملفات المهمة التي ترفض مناقشتها بما يتعلق ببرنامجها للصواريخ البالستية وسياساتها الإقليمية المزعزعة لاستقرار جيرانها.
وكانت إيران متمسكة بخيارها بعدم التفاوض منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن الى السلطة، ودائما ما كانت تطرح فكرة رفع العقوبات الأمريكية وعودتها بشكل اوتوماتيكي للالتزام بالاتفاق النووي الموقع عام 2015 من دون الحاجة الى الدخول في أي مفاوضات، وهو الموقف الذي ترفضه واشنطن وتريد أن تتخذ طهران الخطوة الأولى بهذا الشأن، ولكن الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق ترى بأن العودة الى اتفاق عام 2015 لا تكفي ويجب التفاوض حول برنامج إيران الصاروخي وسياساتها الإقليمية .
ـ إيران تطرح شرطا لوقف انتهاكاتها للاتفاق النووي ..
وفيما يبدو بأنه شرط لوقف الانتهاكات التي تقوم بها إيران أكد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أبو الفضل عموئي، أنه "سيتم تعليق العمل بالبروتوكول الإضافي الثلاثاء المقبل، ورقابة الوكالة على أنشطة إيران النووية ستتواصل وفق اتفاقية الضمانات" مشيرا إلى أن "تعليق العمل بالبروتوكول الإضافي يتوقف، فقط في حال استئناف تصدير النفط الإيراني بشكل طبيعي، وعودة العلاقات المصرفية بين إيران والعالم".
وهذا الشرط الإيراني قد لا يلقى قبول من الولايات المتحدة والدول الأوروبية حيث أن رفع العقوبات عن النفط والنظام المصرفي يمثل نسبة كبيرة من العقوبات الكاملة على إيران ولا يمكن القيام بهذه الخطوة قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات
ويبقى العامل الحاسم في مسار الملف النووي الإيراني هو موافقة إيران من عدمه على المشاركة في المحادثات الغير رسمية التي دعا اليها الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي، ولا يبدو بأن الدول الأوروبية التي أصبح صوتها عاليا بما يتعلق بالحديث عن ملفي الصواريخ البالستية والسياسات الإقليمية ستقبل بأن يكون هناك رفع كامل للعقوبات من دون التفاوض والوصول الى نتائج إيجابية.
وعلي الرغم من أن إدارة بايدن تطرح شرط عودة إيران للالتزام بكامل الاتفاق النووي قبل رفع العقوبات الأمريكية وعودة واشنطن للاتفاق، إلا أنها لن تغامر بإغضاب حلفائها الأوروبيين خاصة وأن بايدن يسعى لإصلاح الشرخ بين ضفتي الأطلسي ويحاول إعادة ثقة الحلفاء الأوروبيين بالولايات المتحدة كحليف استراتيجي موثوق، كما أن الحلفاء الإقليميين في الولايات المتحدة تؤخذ مواقفهم بعين الاعتبار خاصة مع الموقف الفرنسي الأوروبي الداعم للدول الإقليمية والداعي الى عدم تكرار سيناريو عام 2015 بعدم إشراك الدول الإقليمية في المفاوضات النووية، ويبدو بأن فرنسا وأوروبا فهموا جيدا بأن مشكلة إيران لا تتوقف عند البرنامج النووي فقط بل تمتد أيضا الى سياساتها الإقليمية وبرامجها الصاروخية بشكل إساسي مما يستدعي معالجة للمشاكل الثلاثة مجتمعة .
وحدة الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية
Comments