
وحدة رصد الأزمات الدولية | ملف شرق المتوسط
أطلقت ألمانيا تصريحات غير مسبوقة تجاه تركيا مهددة بفرض عقوبات أوروبية في اجتماعات القمة الأوروبية في ديسمبر المقبل إذا لم توقف تركيا الاستفزازات بشرق المتوسط وقبرص، وتعتبر تصريحات ألمانيا هي الأكثر تشددا في مسار الصراع الأوروبي التركي بما يتعلق بشرق المتوسط بعد أن كانت برلين تميل دائما الى الطرق الدبلوماسية وتجنب الدخول في خيار العقوبات .
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الخميس 11/19 إنه يتعين على تركيا وقف الاستفزازات في منطقة شرق البحر المتوسط إذا كانت ترغب في تجنب التطرق مجددا إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي خلال قمة الاتحاد في كانون الأول 2020.
وقبل اجتماع مع نظرائه من دول الاتحاد الأوروبي، قال ماس "الأمر بيد تركيا في القرار الذي سيُتخذ في قمة الاتحاد الأوروبي في كانون الأول". وأضاف "إذا لم نر أي إشارات إيجابية من تركيا بحلول كانون الأول، ولم يكن هناك سوى المزيد من الخطوات الاستفزازية كزيارة أردوغان إلى شمال قبرص، فسيكون أمامنا نقاش صعب". وأكد أن قضية فرض عقوبات على تركيا ستُطرح حينئذ مجددا.
ـ إحراج للدبلوماسية الألمانية داخل المفوضية الأوروبية ..
هايكو ماس يدرك جيدا بأن الدبلوماسية الألمانية ستكون في حرج شديد في القمة الأوروبية المقبلة خاصة أن ألمانيا كانت قد أوقفت بشكل أو بأخر خيار العقوبات ضد تركيا أكثر من مرة في محاولة لإفساح المجال للمحادثات الدبلوماسية لتكون أساس لخفظ التصعيد .
ولكن جهود ألمانيا اصطدمت بموقف تركي متصلب أحرج ألمانيا عندما قامت تركيا بإعادة سفينة التنقيب " أوروج رئيس " الى شرق المتوسط ، كما قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة الى شمال قبرص تسببت بتوتر شديد في المسار الدبلوماسي الأوروبي .
كما تلقت الدبلوماسية إهانة تركية عندما رفضت أنقرة سحب سفن التنقيب من شرق المتوسط في أكتوبر الماضي بعد طلبات ألمانية متعددة إفساحا لوساطة برلين والناتو، ولكن أنقرة قامت بسحب سفن التنقيب مباشرة في اليوم التالي لزيارة بومبو وزير الخارجية الأمريكي الى قبرص والتي شدد فيها بلهجة حازمة على ضرورة خفض التصعيد بين الجانبين .
ويبدو بأن موقف ألمانيا في القمة الأوروبية المقبلة سيكون ضعيف جدا أمام موقف الدول الأكثر تشددا مثل فرنسا واليونان وقبرص، كما أن قمة دول الجنوب الأوروبي التي خرجت بموقف موحد نوعا ما تجاه فرض العقوبات على تركيا ستكون حاضرة في اجتماعات قادة بروكسل القادمة، ولن يكون هناك مجال لتفادي الطلبات المتشددة من اليونان وقبرص بفرض عقوبات أوروبية على أنقرة .
ـ ضغط أقصى لتجنب مراجعة شاملة للعلاقات الأوروبية التركية ..
من الناحية العملية لا يوجد أي طرف أوروبي يرغب بتدهور العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي نظرا لأن الجانبين يشتركون في ملفات معقدة لا يمكن تخطيها مثل قضايا الهجرة غير الشرعية وحلف الناتو، ولكن أنقرة لم تترك للعواصم الأوروبية أي خيار من وجهة نظر قادة المفوضية الأوروبية شارل ميشال وأورسولا فون دير لاين .
وتدرك جميع الأطراف بأن العقوبات المقبلة لن تكون موجعة لأنقرة نظرا لأنها ستكون بداية لفتح باب العقوبات ولكن الخطر يكمن في الخطوات المقبلة وهي البدء بمراجعة شاملة للعلاقات التركية الأوروبية، وهذا ما سيفتح الباب أمام خيارات صعبة جدا .
وبالتالي فإن ألمانيا أعطت فرصة أخيرة لتركيا قبل الذهاب الى خيار العقوبات وتتمثل تصريحات وزير الخارجية الألماني هايكو ماس كناقوس خطر يجب أن تنتبه اليه أنقرة جيدا هذه المرة، خاصة مع وصول جو بايدن الى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وتعرف أنقرة جيدا تبعات وصول بايدن على تغيير مسار الضغط الأقصى عليها .
وحدة رصد الأزمات الدولية | الملف ملف شرق المتوسط
مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية
Comments