top of page

مشاورات أوروبية أمريكية في بروكسل " هل تنجح باريس بالدفع نحو استقلال القرار الأوروبي"

Writer: NZC Media GroupNZC Media Group

مركز جنيف للدراسات | ملف الاتحاد الأوروبي


باريس 22 فبراير 2021 : يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بمشاركة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي سينضم اليهم عن بعد عبر الفيديو، مشاورات مهمة في بروكسل بشأن الاستراتيجية حيال روسيا فيما سيفعّل الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى نظامه العالمي للعقوبات في مجال حقوق الإنسان ضد الكرملين، وفق ما أفادت دول عدة.

كما سيناقش هذا الاجتماع عدة ملفات من بينها عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق على النووي الإيراني والردّ على الانقلاب العسكري في بورما وتعزيز الصين قبضتها على هونغ كونغ، وفق ما أفاد مصدر أوروبي.


وسيردّ وزراء خارجية الدول الأوروبية على رفض موسكو بشكل قاطع مطالباتهم بالإفراج عن المعارض الروسي أليكسي نافالني والإهانة التي تعرّض لها موفدهم وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل خلال زيارته إلى موسكو مطلع شباط/فبراير.


ومن المقرر أن يفرض الأوروبيون عقوبات على بورما حيث أطلقت الشرطة الرصاص الحيّ السبت على متظاهرين في ماندالاي في وسط البلاد، ما تسبب بمقتل شخصين.


ورأى دبلوماسيون أوروبيون أن واقع أن وزير الخارجية الأميركي وافق على المشاركة في هذا الاجتماع فور تثبيت تعيينه، وهو بمثابة "مؤشر" مهمّ وتعبير عن رغبة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بإحياء العلاقات مع الأوروبيين الذين كان يعتبرهم الرئيس السابق دونالد ترامب "أعداءً".


وستكون العلاقة الصعبة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صلب النقاشات بين الدول الـ27 الأعضاء وبلينكن.


ولا يتمتع الاتحاد الأوروبي برؤية موحدة من قبل أعضائه حول شكل العلاقة مع روسيا، وفي نفس الوقت الذي تدفع فيه بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل بولندا وليتوانيا وألمانيا مؤخرا الى موقف متشدد تجاه موسكو بما يخص قضية نافالني، في حين ترى دول مثل فرنسا وايطاليا بأن هناك ضرورة ملحة لإبقاء الحوار مع روسيا .


وقال دبلوماسي أوروبي "موسكو لن تتحاور مع الاتحاد الأوروبي، إنما فقط مع بعض الدول الأعضاء فيه. يجب أن نتصدى لهذه الاستراتيجية وأن نبقى موحّدين".

وشدّد على أن "مع زيارة جوزيب بوريل إلى موسكو، رأينا وفهمنا وسنستخلص منها دروساً، لكن ذلك ينبغي أن يحصل بشكل بارد ومنظم".

ولم تتقبل كافة الدول الأعضاء هذه النصيحة. إذ إن بعض الدول انتقدت بشدة بوريل وطالب نواب أوروبيون من دول البلطيق ودول شرق أوروبا باستقالته. وقال مسؤولون في بروكسل إن "كل ذلك يضعف موقعه".



ـ تفعيل آلية العقوبات الأوروبية في مجال حقوق الإنسان ..


سيتخذ الوزراء الاثنين قراراً بشأن التحضير لعقوبات جديدة وتحديد الأشخاص والكيانات المستهدفة. وأكد دبلوماسيون عديدون أن "اتفاقاً سياسياً أمر مكتسب". وقال أحدهم إنه سيتمّ تبني العقوبات في القمة الأوروبية المرتقبة في 25 و26 آذار.


وأعلن مسؤول أوروبي أن الأوروبيين سيفعّلون للمرة الأولى نظامهم العالمي الجديد للعقوبات في مجال حقوق الإنسان.

وعرض جوزيب بوريل مقترحات. وذكر المتحدث باسمه أن "القرار النهائي يعود إلى الدول الأعضاء وينبغي أن تقرّ ذلك بالاجماع".


غير أن دبلوماسيين ومسؤولين مطلعين على المشاورات أكدوا أنه من غير المرجح فرض حظر دخول إلى الاتحاد الأوروبي على مسؤولين وصحافيين روس، أو تجميد أصول تابعة لهم.

وشرح أحدهم في حديث لوكالة فرانس برس أن "فرض عقوبات على صحافيين هو سلاح ذو حدّين، لأن روسيا ستردّ". أما في ما يخصّ المسؤولين، فقال "ينبغي إثبات تورطهم أو ارتباطهم" بالأحداث التي تسببت بفرض هذه العقوبات.

وهنا تكمن المعضلة الرئيسية حول آليات إثبات الإدانة من عدمه بالإضافة الى الخشية من ردة الفعل الروسية التي قد تصل الى تصعيد في تجميد العلاقات كما طرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخرا .


وردا على سؤال، خلال مقابلة قالت "رويترز" بشأن اتجاه موسكو نحو قطع العلاقات مع التكتل، قال لافروف: "نتحرك من منطلق استعدادنا (لفعل هذا). في حال شهدنا مجددا فرض عقوبات في بعض القطاعات تسبب مخاطر لاقتصادنا، بما في ذلك المجالات الأكثر حساسية".

وأضاف "لا نريد عزل أنفسنا عن الحياة العالمية، لكن يتعين أن نستعد لذلك. إذا كنت تريد السلام استعد للحرب".


ويمكن اعتبار تصريحات لافروف بمثابة تحذير لدول الاتحاد الأوروبي بأن روسيا قد تذهب الى أقصى حد في التصعيد وهو مراجعة العلاقات الدبلوماسية أو قطعها وهو أمر مهم جدا بالنسبة للأوروبيين نظراً لأن روسيا تعتبر شريك استراتيجي مهم بما يتعلق بأمن الطاقة الأوروبي والشراكة بين البلدين .


ـ مشروع نورد ستريم 2 وأمن الطاقة الأوروبي ..


ومن غير المتوقع التوافق على إلزام ألمانيا التخلي عن مشروع "نورد ستريم 2". إلا أن العقوبات الأميركية تبطئ وضع اللمسات الأخيرة على أنبوب الغاز الذي يمتدّ على 1200 كلم وتموّل بناءه خمس مجموعات أوروبية خاصة.


وتعتبر قضية أمن الطاقة بالنسبة للاتحاد الأوروبي قضية استراتيجية لا يمكن المساس بها بأي حال من الأحوال، وعلى الرغم من معارضة واشنطن لمشروع "نورد ستريم 2" بين روسيا وأوروبا إلا أن الأوروبيين استطاعوا مقاومة كافة الضغوط الأمريكية والاستمرار في هذا المشروع .


وبعد أن فشلت إدارة ترمب بوقف المشروع يبدو بأن إدارة بايدن ستكثف من هذه الضغوط وربما تدفع الدول الأوروبية لزيادة التوتر مع روسيا مما يدفع نحو توجه روسيا بوقف المشروع أو تأجيله لمعاقبة الأوروبيين ردا على أي عقوبات محتملة قد تفرضها بروكسل .


وأكد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزف بوريل السبت أن الأوروبيين "سيتخذون الإجراءات المناسبة" حيال الانقلابيين في بورما بعدما دعا الاتحاد الأوروبي الجيش في هذا البلد إلى التخلي عن السلطة. لكن لا تتوافر مؤشرات حول تجميد الاستثمارات الأوروبية في هذا البلد.


وقال مصدر دبلوماسي إن عقوبات جديدة ضد نظام نيكولاس مادورو في فنزويلا ستدرس أيضا. ويفترض أن يضاف حوالى 30 شخصا جديدا على القائمة السوداء الخاصة بهذا البلد.


وبالتالي فإن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات على أكثر من جهة لإدارة ملفات التوتر الخارجية سواء ما يتعلق بالتصعيد السياسي أو فرض العقوبات أو الحوار السياسي، ومهما كانت النتائج المتخذة من قبل وزراء خارجية الدول ال 27 فإن الحذر يجب أن يكون سيد الموقف بما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة وحضور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للاجتماعات .


فلا يمكن بناء أوروبا الجديدة بعد البريكست بقيادة فرنسا وألمانيا وفق الرؤية الأمريكية الأوروبية المشتركة، بل يجب أن يكون لأوروبا استقلالتها الذاتية وسياستها الدفاعية المستقلة كما تطرح باريس عبر رئيسها ايمانويل ماكرون و وزير الخارجية جان ايف لودريان، ولا يجب أن يتحمس الأوروبيون كثيرا للتصريحات والخطوات الأمريكية، فالتحالف الأمريكي الأوروبي التقليدي بعد الحرب العالمية الثانية انتهت فعاليته .


ويجب أن تبنى العلاقات الأوروبية الخارجية وفق مصالح الاتحاد الأوروبي بشكل مستقل وبعد ذلك يمكن التنسيق مع الولايات المتحدةأو أي قوة عالمية أخرى وفق المصالح المشتركة، ولكن الأهم هو الاستقلالية الكاملة في القرار .


وحدة رصد الأزمات الدولية | ملف الاتحاد الأوروبي

مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية

 

Comments


bottom of page