top of page

لافروف يهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أوروبا"الانعكاسات على أمن الطاقة الأوروبي والاقتصاد الروسي"

Writer: NZC Media GroupNZC Media Group

وحدة رصد الأزمات الدولية | ملف العلاقات الروسية الأورروبية

باريس 12 فبراير 2021 : تصاعد التوتر بين روسيا والاتحاد الأوروبي الى حده الأقصى اليوم الجمعة 12 فبراير بعدما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو مستعدة لقطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي إذا فرض عليها عقوبات اقتصادية مؤلمة.


وردا على سؤال، خلال مقابلة قالت "رويترز" إنها ستنشر كاملة في وقت لاحق من اليوم، بشأن اتجاه موسكو نحو قطع العلاقات مع التكتل، قال لافروف: "نتحرك من منطلق استعدادنا (لفعل هذا). في حال شهدنا مجددا فرض عقوبات في بعض القطاعات تسبب مخاطر لاقتصادنا، بما في ذلك المجالات الأكثر حساسية".

وأضاف "لا نريد عزل أنفسنا عن الحياة العالمية، لكن يتعين أن نستعد لذلك. إذا كنت تريد السلام استعد للحرب".


تأتي تصريحات لافروف بعد عودة وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من موسكو، الذي أعرب عن قلقه الكبير نتيجة رفض السلطات الروسية البدء بحوار "بناء أكثر" مع الاتحاد، داعيا القادة الأوروبيين إلى "أخذ العبر من ذلك"، الأمر الذي يؤدي إلى فرض عقوبات.

وكتب بوريل عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر فور عودته من العاصمة الروسية، أن "السلطات الروسية لم تشأ انتهاز الفرصة لإقامة حوار بناء أكثر مع الاتحاد الأوروبي.

هذا أمر مؤسف وعلينا أن نأخذ العبر منه يعود إلى الدول الأعضاء أن تقرر المراحل المقبلة، ونعم، قد تشمل هذه المراحل عقوبات".


ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 22 شباط/فبراير لعرض نتائج مهمة بوريل التي استمرت من الرابع إلى السابع من شباط/فبراير واتخاذ قرار في شأن الخطوات المقبلة، في ضوء رفض الكرملين مطالبة القادة الأوروبيين بالافراج عن المعارض اليكسي نافالني وطرد موسكو لثلاثة دبلوماسيين أوروبيين تزامنا مع اللقاء الذي جمع بين بوريل ولافروف.


وتعتبر تصريحات وزير الخارجية الروسي هي التصريحات الأكثر تصعيدا من قبل المسؤولين الروس طوال فترة التوتر مع الاتحاد الأوروبي والتي امتدت لسنوات شهدت شد وجذب ابتداء من قضية القرم الى بيلاروسيا وصولا لقضية نافالني .


ولكن لافروف ترك الباب مفتوحاً أمام التراجع عن هذا التهديد عندما قال " إذا فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية مؤلمة " وهذه جملة مهمة وردت في حديث لافروف، حيث أن أسوأ التوقعات تشير الى أن العقوبات التي قد يفرضها الاتحاد الأوروبي هي حظر سفر وتجميد للأرصدة لمقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والكرملين، وهي عقوبات لا تؤثر على الاقتصاد الروسي بشكل مؤلم كما ولا تستوفي الشرط الذي وضعه لافروف لقطع أو مراجعة العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي.


ويمكن اعتبار تصريحات لافروف بمثابة تحذير لدول الاتحاد الأوروبي بأن روسيا قد تذهب الى أقصى حد في التصعيد وهو مراجعة العلاقات الدبلوماسية أو قطعها وهو أمر مهم جدا بالنسبة للأوروبيين نظراً لأن روسيا تعتبر شريك استراتيجي مهم بما يتعلق بأمن الطاقة الأوروبي والشراكة بين البلدين .


ولكن الدول الأوروبية لن تتراجع عن تصعيدها ضد موسكو بما يتعلق بالملفات الخلافية والقضية الأبرز " أليكس نافالني "، وكان بالإمكان التغاضي عن الرد الأوروبي سواء بالتصعيد أو فرض العقوبات وأن تبقى الأمور في نطاق التصريحات الدبلوماسية والتصعيد الإعلامي كما حدث في قضية بيلاروسيا، ولكن خطأ موسكو الكبير بطرد دبلوماسيين أوروبيين من بولندا والسويد وألمانيا في نفس التوقيت الذي كان يزور فيه مسؤول السياسة الخارجية الأوروبي موسكو وحتى بدون إخطاره يعتبر سبب تعقيد الموقف، وبالتأكيد لن يمرر بوريل الإهانة الدبلوماسية التي تلقاها وسيحاول الدفع نحو فرض عقوبات حتى لو كانت رمزية .


ـ الناطق بأسم الرئاسة الروسية يوضح الموقف الروسي ..

وفي خطوة تعتبر محاولة للتوضيح وتخفيف التوتر اعتبر الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنه يجب على روسيا أن تكون جاهزة لمواجهة تحركات غير ودية من جانب الاتحاد الأوروبي، لكنها تبقى حريصة على تطوير العلاقات مع التكتل.


جاء ذلك في تصريحات صحفية أدلى بها بيسكوف اليوم الجمعة تعليقا على تصريح لوزير الخارجية سيرغي لافروف الذي عبر عن استعداد موسكو لقطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، في حال فرضه عقوبات جديدة تشكل خطرا على قطاعات حساسة من الاقتصاد الروسي.


وقال بيسكوف: "وسائل الإعلام تقدم عنوانا مثيرا (حول كلام لافروف) خارج السياق.. هذا خطأ كبير من الإعلام، وهذا خطأ يغير المعنى".

وأضاف: "النقطة بالتحديد هي أننا لا نريد ذلك (قطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي)، نريد تطوير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. ولكن إذا سلك الاتحاد هذا المسار (فرض عقوبات تشكل خطرا على الاقتصاد الروسي)، فإذن نعم، سنكون مستعدين لذلك، لأنه يجب أن نستعد للأسوأ".


وتابع بيسكوف: "هذا ما كان يتحدث عنه الوزير. لكن المعنى تم تشويهه وتم تقديم هذا العنوان المثير بطريقة تصور روسيا وكأنها هي التي ستبادر إلى قطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي".


ـ هل يتعثر الأوروبيون والروس بمطب نافالني ..

تعتبر قضية أليكس نافالني من القضايا المعقدة بالنسبة للاتحاد الأوروبي ويمكن أن يكون لها تبعات خطيرة على العلاقات الأوروبية الروسية إذا ما أثبتت التحقيقات تعرض نافالني لعملية تسميم مقصودة بغاز الأعصاب " نوفيتشوك "، ولكن في كل الأحوال لا يجب أن تقع المفوضية الأوروبية في فخ زيادة التوتر مع روسيا أكثر مما يتطلب الموقف، أي أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يحافظ على مبادئه في هذا الشأن ولكن من دون الدفع نحو ضرر كبير في العلاقات مع روسيا التي يشترك معها في كثير من الملفات المهمة، ويعتبر هذا التوجه هو الذي تقوده باريس في محاولة الحوار مع موسكو وإزالة العراقيل في تطوير العلاقات بين الجانبين .

كما أن موسكو معنية أيضا بخفض التصعيد وعدم الانجرار الى خطوات قد تضر العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الجانبين بشكل كبير، وأن كانت تصريحات لافروف لم تكن تعني المعنى الحرفي ولكنها تعتبر تصريحا خطير وتضع ملف مهم للغاية على الطاولة وهو أمكانية " قطع العلاقات الدبلوماسية "، ولا يجب أن تستمر موسكو باستفزاز الأوروبيين في أكثر من مناسبة لأن المفوضية الأوروبية قد تضطر للرد في مرحلة ما وقد لا تستطيع باريس وروما مقاومة ضغوط الدول الشرقية مثل بولندا وليتوانيا في مرحلة لاحقة و التي بدت منزعجة كثيرا من قضية نافالني .


ويجب على باريس وبرلين أن يقرأو التوقيت الحساس الذي يمر به الاتحاد الأوروبي جيداً، خاصة بما يتعلق بإعادة رسم الخطوط العريضة للتحالف الأمريكي الأوروبي بعد أن ضرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب صلب هذا الاتفاق، أو ما يتعلق بالتغيرات السياسية بعد البريكست وخروج بريطانيا القوة السياسية و النووية الكبرى من الاتحاد الأوروبي .


وإذا ما كانت باريس وبرلين تريدان إعادة رسم التحالفات السياسية والاقتصادية والعسكرية للاتحاد الزوروبي بما يضمن المصالح الأوروبية جيدا، فعليهم التفكير بشكل معمق قبل الانجرار للانخراط في أي توتر مع روسيا في الوقت الحالي، ويجب عدم الوقوع في الفخ الذي تريد أن تنصبه إدارة بايدن عبر سحب الأوروبيين مرة أخرى لتحت المظلة الأمريكية بحجة الدفاع عن أوروبا ضد روسيا إذا توترت العلااقات أكثر .


ومن خلال قرأة المؤشرات السياسية في الولايات المتحدة وتصويت أكثر من 70 مليون أمريكي لصالح دونالد ترمب فإن خطر الترمبية لا زال موجود ومن الممكن أن يضطر الأوروبييون للتعامل مع رئيس يشبه ترمب وأفكاره بعد أربع سنوات من الأن، وبالتالي يجب وضع المصلحة الأوروبية أولا قبل أي اعتبار سواء كان بما يتعلق بالعقوبات أو الضغوط السياسية .


ـ أمن الطاقة الأوروبي ..

تعتبر قضية أمن الطاقة بالنسبة للاتحاد الأوروبي قضية استراتيجية لا يمكن المساس بها بأي حال من الأحوال، وعلى الرغم من معارضة واشنطن لمشروع "نورد ستريم 2" بين روسيا وأوروبا إلا أن الأوروبيين استطاعوا مقاومة كافة الضغوط الأمريكية والاستمرار في هذا المشروع .


وبعد أن فشلت إدارة ترمب بوقف المشروع يبدو بأن إدارة بايدن ستكثف من هذه الضغوط وربما تدفع الدول الأوروبية لزيادة التوتر مع روسيا مما يدفع نحو توجه روسيا بوقف المشروع أو تأجيله لمعاقبة الأوروبيين ردا على أي عقوبات محتملة قد تفرضها بروكسل .


ـ الاقتصاد الروسي تحت خطر التصعيد ..


لا يمكن التغاضي عن تأثر الاقتصاد الروسي بأي عقوبات اقتصادية مؤلمة قد يفرضها الأوروبيون " وهو الشرط الذي وضعه لافروف لقطع العلاقات الدبلوماسية "، ولكن في نفس الوقت فإن اندفاع موسكو في زيادة التصعيد مع أوروبا قد يقود الى ضرر كبير للاقتصاد الروسي .


وبلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا والاتحاد الأوروبي العام الماضي 218.8 مليار دولار بحسب هيئة الجمارك الروسية، بحيث بلغت الصادرات من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي 136.67 مليار دولار، فيما بلغت الواردات من الاتحاد الأوروبي إلى روسيا 82.13 مليار دولار".

وهي أرقام كبيرة ومهمة للاقتصاد الروسي ولا يمكن المغامرة بأن تتأثر هذا العلاقات الاقتصادية بأي شكل من الأشكال .


وتقود باريس توجه أوروبي جديد يتمثل بمحاولة الحوار مع روسيا وحل القضايا الخلافية وخفض التوتر الى الحد الأدنى، ولكن باريس لا تستطيع الاستمرار بهذا النهج في ظل التصعيد الحاصل وخصوصا خطوة روسيا بطرد الدبلوماسيين الأوروبيين .

ولكن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لا زال متمسك بهذه الاستراتيجية وهذا ما عبر عنه في تصريحات صحفية بعد تصاعد قضية نافالني، وقال ماكرون بأن الحوار يجب أن يستمر مع روسيا بكل الأحوال .


وبالتالي فإن الحذر الأوروبي من توتير العلاقات مع روسيا أكثر من اللازم لا يعني بأن الخلافات الأوروبية الروسية سوف تنتهي أو أن امكانية التقارب وحل الملفات العالقة بين الجانبين يمكن أن تتم بسرعة، ولكن على الأقل يجب الحفاظ على الحد الأدنى من خفض التوتر وعدم الانجرار نحو خلافات وتوترات لا طائل لها ولن تعود على الدبلوماسية الأوروبية والروسية سوى بالمزيد من الأضرار .



وحدة رصد الأزمات الدولية | ملف العلاقات الأوروبية الروسية

مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية

 

Commenti


bottom of page