
وحدة رصد الأزمات الدولية | الملف الليبي
تستمر زيارة وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا المفاجئة الى باريس، ويلتقي وزير الداخلية الليبي في زيارته التي تستمر اليوم مع وزراء الخارجية والجيوش والداخلية الفرنسيين لبحث عدد من الملفات والقضايا المهمة للجانبين .
زيارة باشاغا تأتي في وقت حساس ودقيق للغاية بالتزامن مع محادثات سياسية مهمة اختتمت بتونس لتحديد مسار المرحلة الانتقالية القادمة للحل السياسي في ليبيا، كم أن باشاغا يعتبر الشخصية المرشحة الأوفر حظا لخلافة رئيس حكومة الوفاق فايز السراج .
ومن خلال تتبع خارطة اللقاءات التي يجريها باشاغا فإنها تعطي تصور ما لتنسيق المواقف مع فرنسا بما يخص المسارات الثلاثة للمصالح الفرنسية في ليبيا .
على مستوى الخارجية ولقاء لودريان لتنسيق المواقف ومحاولة تقليص الخلافات بين الجانبين حول مسارات الانتقال السياسي خاصة أن فرنسا لا تتمتع بعلاقات جيدة مع حكومة الوفاق وطالما كانت هناك تباينات في الرؤى حول آليات الحل السياسي .
وعلى مستوى الداخلية لمناقشة القضايا الأهم بالنسبة لفرنسا في الوقت الحالي وهي مكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية التي تعتبر ليبيا بوابة مهمة لها في الوقت الحالي، كما أن المحادثات بين الجانبين على مستوى الأمن مهمة جدا لباريس في هذا التوقيت خاصة بعد التقارير عن انتقال مجموعات من المتطرفين من السواحل الليبية باتجاه أوروبي .
أما على مستوى الدفاع و وزارة الجيوش الجيوش فإن تبادل وجهات النظر مهم في المرحلة الحالية خاصة مع تواجد عسكري للمرتزقة الأجانب بشكل متسارع والضغوط الدولية لإخراجهم، كما يتعلق الأمر ببحث المصالح العسكرية خاصة مع سعي تركي روسي للتواجد العسكري طويل الأمد في ليبيا على حساب الدول التي كانت صاحبة النفوذ العسكري التقليدي مثل ايطاليا وفرنسا .
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية إن اللقاء مع فتحي باشاغا يندرج "في إطار الاتصالات المنتظمة التي تجريها فرنسا مع مجمل الفاعلين الليبيين".
وأضافت أنييس فون دير مول أن اللقاء دار حول "التطبيق الكامل لوقف إطلاق النار" وإحراز تقدم في الانتقال السياسي.
ـ تجنب للفيتو الفرنسي ..
يعتبر فتحي باشاغا من الشخصيات الجدلية التي تتمتع بمرونة للتعامل مع التناقضات الدولية وتضارب المصالح في ليبيا وكانت له تجارب سابقة في التنسيق مع فرنسا ومحاولة كسب الموقف الفرنسي وإن كان بالحد الأدنى .
وتبدو زيارته في الوقت الحالي هي استطلاع للمواقف الفرنسية ومحاولة لجس النبض الأوروبي والفرنسي خصوصا حول امكانية توليه لمنصب رئيس الوزراء خلفا لفايز السراج خاصة وأن الرجل محسوب على تركيا بنسبة أكبر من السراج نفسه، ويريد باشاغا تجنب فيتو فرنسي على توليه هذا المنصب خاصة وأنه يدرك جيدا بأن الموقف الفرنسي قادر على إعاقة توليه مثل هذا المنصب في إطار التسويات السياسية الداخلية والخارجية .
كما أن بااشاغا يحاول اللعب على وتر التناقضات الدولية في تضارب المصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية ويمسك باشاغا بملفات قد تكون مهمة في الوقت الحالي بالنسبة لباريس وهي ملفات الأمن والهجرة والإرهاب .
وأعلن باشاغا في تغريدة على تويتر الأربعاء توقيع بروتوكول اتفاق مع شركة "إيديميا" الفرنسية للحصول على نظام تحديد هوية بيومتري، وهو ما يعطي أيضا مؤشر حول توجهات الرجل في اعتماد الصفقات مع فرنسا بالخصوص والدول الأوروبية في المرحلة المقبللة
ولكن الأمر سيعتمد أيضا على مدى قدرة الرجل على إقناع المسؤولين الفرنسيين حول قدرته على التعامل مع التناقضات الليبية والدولية، وهل سيكون قادرا على إدارة دفة الصراع الداخلي بين القوى الليبية بدون الوصول الى حد الصدام العسكري مرة أخرى .
ومن المتوقع أن يكون هناك زيارات لباشاغا الى كل من ايطاليا وألمانيا في الأسابيع القادمة للتنسيق الكامل مع الدول الأوروبية الثلاثة الفاعلة في الملف الليبي ومحاولة التنسيق مع الأوروبيين حول قدرته على ضبط بوصلة المصالح الدولية وتقديم ما يضمن المصالح الأوروبية في ليبيا .
وحدة رصد الأزمات الدولية | الملف الليبي
مركز جنيف للدراسات السسياسية والدبلوماسية
Comments