
وحدة الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
باريس 1 مارس 2021 : رفضت إيران الاقتراح الأوروبي المتمثل بعقد اجتماع غير رسمي بين إيران والأطراف الدولية الموقعة على الاتفاق النووي عام 2015 بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية، وأتى الرفض الإيراني بعد انتظار دام لأيام منذ تقديم العرض الأوروبي الذي كان يعتبر الحل الوسط بين كل الأطراف للجلوس على طاولة المفاوضات والحديث عن النقاط الأساسية التي يجب حلها قبل عودة جميع الأطراف لالتزاماتها .
وكررت إيران موقفها المطالب بأولوية رفع العقوبات التي أعادت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرضها، معتبرة أن خطوة كهذه لا تحتاج لمفاوضات أو تفاهمات جديدة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في بيان أنه "نظرا إلى المواقف الراهنة وخطوات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث (المنضوية في الاتفاق)، تعتبر الجمهورية الإسلامية في إيران أن الوقت غير مناسب لعقد اجتماع غير رسمي اقترحه المنسق الأوروبي لخطة العمل الشاملة المشتركة"، الاسم الرسمي للاتفاق المبرم بين إيران والقوى الست الكبرى.
وكررت طهران موقفها المطالب بأولوية رفع العقوبات التي أعادت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرضها، معتبرة أن خطوة كهذه لا تحتاج لمفاوضات أو تفاهمات جديدة. وكان الاتفاق قد أتاح رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
وبالتزامن مع الموقف الإيراني انطلقت اجتماعات لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتبارا من الاثنين (الأول من مارس/ آذار 2021). وتأتي الاجتماعات بعد نحو أسبوع من بدء طهران تقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية.
ويعتبر الاتفاق الذي حققه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارته الى طهران مرضي للأطراف الدولية بالحد الأدنى ولكنه مؤقت لثلاثة أشهر ولا يضمن الرقابة الكاملة المطلوبة لضمان عدم اتخاذ إيران خطوات كبرى نحو السلاح النووي .
ـ واشنطن تشعر بخيبة الأمل وتترك باب الدبلوماسية مفتوحاً
من ناحيتها قالت الولايات المتحدة إنها تشعر بخيبة أمل لأن إيران استبعدت عقد اجتماع غير رسمي مع القوى الكبرى، لمناقشة سبل إحياء الاتفاق النووي، لكنها أشارت إلى أنها لا تزال مستعدة لإعادة الانخراط في عملية دبلوماسية هادفة بشأن هذه القضية.
وقالت متحدثة بإسم البيت الأبيض، مشيرة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة أو الاتفاق النووي الإيراني :"بينما نشعر بخيبة أمل من رد فعل إيران، ما زلنا مستعدين لإعادة الانخراط في دبلوماسية هادفة لتحقيق عودة متبادلة للامتثال لالتزامات خطة العمل الشاملة المشتركة".
ويمكن قرأة الموقف الأمريكي بأنه لا زال يستخدم اللغة الدبلوماسية مع طهران بعيدا عن التلويح بأي خيارات أخرى قد تجبرها على إعادة التفكير في خطواتها المتسارعة نحو الوصول لقدرات عسكرية نووية، ويبدو بأن تصريحات واشنطن قبل أيامن بأن صبرها له حدود لم تكن في إشارة الى أي خطوات تصعيدية من قبل الولايات المتحدة .
يبقى الترقب الأن للخطوة التالية من قبل إدارة الولايات المتحدة تجاه إيران وهل سيكون هناك خطة بديلة من واشنطن للتعامل مع طهران " إن وجدت هذه الخطة لدى إدارة بايدن "، أم أن واشنطن ستعود الى عرضها الأول " التزام إيراني ورفع للعقوبات " بدون إجبار إيران على التفاوض حول برنامجها الصاروخي وسياساتها الإقليمية .
كما أن دور المبعوث الأمريكي الخاص الى إيران " روبرت مالي " الذي عينه بايدن لم يتضح بعد ولم تتحدد الاستراتيجية التي سيعمل بها روبرت مالي، خصوصا أن تعيينه أثار الكثير من الجدل في الأوساط الأمريكية والأوروبية على اعتبار أنه من المتساهلين مع إيران .
في غضون ذلك، دعا أعضاء جمهوريون بارزون في مجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس جو بايدن إلى عدم العودة للاتفاق النووي مع إيران، لينضموا إلى بعض الديمقراطيين الذين عبروا عن تحفظات بشأن الاتفاق.
ـ الموقف الأوروبي والخيارات الصعبة
يبدو بأن الأوروبيين سيواجهون الخيارات الصعبة التي طالما حاولوا تجنبها في السنوات الماضية في التعامل مع إيران، وكان الأوروبيون دائما هم الطرف الساعي الى إبقاء إيران داخل الحظيرة النووية وضمان عدم انهيار الاتفاق الموقع عام 2015 بشكل كامل، ولكن هذا الموقف الأوروبي تبدل بعد وصول بايدن الى البيت الأبيض وأصبح الأوروبيين مضطرين للعب الدور المتشدد مع إيران لضمان التفاوض حول برنامجها للصواريخ البالستية وسياساتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار .
وكان مصدر دبلوماسي فرنسي قال لرويترز قبل أيام بأن إيران ستواجه "إجراء صارما" إذا مضت قدما في تعليق البروتوكول الإضافي للاتفاق النووي على الرغم من تحذيرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وعلى الرغم من توصل مدير الوكالة الذرية الى اتفاق بالحد الأدنى مع إيران لضمان المراقبة على أنشطتها لمدة ثلاثة أشهر، إلا أن طهران برفضها للدعوة الأوروبية للمفاوضات ومساومتها الجديدة للوكالة الدولية للطاقة الذرية " المعلومات مقابل رفع الحظر " قد تدفع الأوروبيين لإظهار جزء من هذه الإجراءات الصارمة التي تحدث عنها المصدر الدبلوماسي الفرنسي لرويترز .
ويخشى الأوروبيون كثيرا من الخطوات المتسارعة التي اتخدتها إيران في برنامجها النووي منذ وصول بايدن الى السلطة، فمن رفع نسبة التخصيب الى 20٪ ومضاعفة عدد أجهزة الطرد المركزي وإنتاج اليورانيوم المعدني الذي يستخدم بتصنيع السلاح النووي، يبدو بأن الدول الأوروبية الفاعلة فرنسا وألمانيا وبريطانيا بدأت تستشعر بأن إيران تلعب على وتر تساهل الإذارة الأمريكية الجديدة أو عدم وضوح الاستراتيجيات المتبعة تجاه طهران بالتحذير من استخدام القوة العسكرية في مرحلة تجاوز الخط الأحمر المتمثل بوصول إيران الى قدرات عسكرية نووية .
ولا خيار الأن أمام الدول الأوروبية سوى الذهاب نحو ممارسة الضغط الأقصى على إيران واستعراض الخيارات الصعبة التي قد تلجأ إليها الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة الأمريكية والأهم ضمان تماشي إذارة بايدن مع هذه الاستراتيجية .
يبقى الخيار الأخر والذي يعتبر كرت فيتو لفض الاشتباك بين كل الأطراف هو تحرك روسيا والصين للتوافق بين جميع الأطراف بأن تكون هناك تحركات مبنية على مبدأ خطوة بخطوة، بمعنى رفع جزئي للعقوبات مقابل عودة إيران للالتزام بالخطوط الرئيسية للاتفاق النووي و وقف عمليات التخصيب بنسب كبيرة والذهاب الى طاولة المفاوضات .
ولكن هذا الخيار يجب أن يكون الورقة الأخيرة التي يتم استخدامها من الأطراف المتشابكة والأهم إيصال رسالة الى إيران بأن العودة الى رفع العقوبات مقابل الالتزام باتفاق عام 2015 فقط بدون التفاوض حول برنامج الصواريخ البالستية وسياسات إيران الإقليمية لن تكون ممكنة مهما كانت الظروف .
وحدة الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية
Comments