
الحدث ...
وعدٌ باحترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011 والتعهد بعدم التدخل بالأزمة الليبية، هي أبرز النقاط التي خرج بها مؤتمر برلين الذي تم الإعداد له طوال الشهور الستة الماضية وبمشاركة 11 دولة، وزعماء مؤثرين في الملف الليبي و على رأسهم "ماكرون، ميركل، بوتين، أردوغان، كونتي أردوغان، السيسي"، وربما أتت هذه النتائج مخيبة للآمال والتوقعات التي كانت معقودة على هذا المؤتمر خاصة مع الزخم الدبلوماسي الكبير والحضور رفيع المستوى .
و تحدّثت المستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل، كما لافروف، عن "خطوة صغيرة إلى الأمام"، وسط الإقرار بأنّه لا يزال هناك عمل كثير ينبغي إنجازه قبل الوصول إلى السلام.
واعتبر وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف أنّ هذه القمّة كانت "مفيدة جدّاً"، غير أنّه أقرّ بأنّ الفجوة بين الرجلين لا تزال واسعة، وأضاف لصحافيّين في برلين "واضح أنّنا لم ننجح حتّى الآن في إطلاق حوار جدّي ودائم" بين السرّاج وحفتر.
ويتمثّل أبرز تقدّم سجّلته قمّة برلين في أنّ مسؤولي 11 دولة، بدءًا من روسيا وتركيا اللتين تلعبان دورًا محوريًّا في ليبيا، أشاروا إلى أنّ "لا حلّ عسكريًّا للنزاع"، وفق ما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وأضاف غوتيريش أنّ "جميع المشاركين التزموا عدم التدخّل بعد اليوم في النزاع المسلّح أو في الشؤون الداخلية لليبيا"، كما وعد المجتمعون باحترام حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عام 2011 على ليبيا ولكنّه بقي حبرًا على ورق إلى حدّ بعيد.
ماهي النتائج التي كانت متوقعة من المؤتمر ...
أبرز ما كنا ننتظره من مؤتمر برلين بالتزامن مع الزخم الدبلوماسي الكبير والحضور رفيع المستوى من قادة الدول المؤثرة في الملف الليبي هو مجموعة نقاط بالحد الأدنى وأبرزها:
أولاً: توقيع اتفاق وقف دائم لاطلاق النار بين طرفي النزاع الليبي "حفتر والسراج" هو أقل ما يمكن توقعه من هذا المؤتمر خاصة أن هذا الاتفاق الذي تم الاعداد له في موسكو ولكن لم يتم توقيعه في اللحظات الأخيرة، بالتالي فإن عدم التوقيع والفشل في عقد لقاء مباشر بين طرفي النزاع كان نتيجة سيئة لكل الجهود الدبلوماسية التي تم بذلها في الفترة الأخيرة.
ثانياً: خارطة طريق مستقبلية للحل السياسي، فلم يخرج المؤتمر بأي تصور للخطوات القادمة لحل الأزمة في ليبيا بعد وقف اطلاق النار، وخاصة في الشق السياسي، فماهي الخطوة القادمة؟
هل سيكون هناك انتخابات باشراف دولي من الأمم المتحدة، أم سيكون هناك مرحلة انتقالية لفترة معينة ومن هي الشخصيات التي ستقود هذه الفترة الانتقالية.
فقد تم الحديث في الكواليس عن تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة ولكن بدون أي نتائج بهذا الخصوص، فلا يمكن أن يبقى الوضع على ماهو عليه وتبقى ليبيا منقسمة بين حكومة بلا جيش وجيش بلا حكومة.
ثالثاً: وضع التزامات محددة ومضمونة من قبل جميع الأطراف بعدم ارسال الأسلحة والدعم العسكري لطرفي النزاع مع فرض عقوبات صارمة من مجلس الأمن في حال انتهاك هذا الحظر، وامكانية بحث قرار دولي يفرض حظر جوي وبحري على التحركات العسكرية في البلاد، فبالرغم من قساوة الخطوة ولكنها قد تساهم في كبح جماح طرفي النزاع واجبارهم للذهاب الى مفاوضات حقيقية .
فالمؤتمر خرج بتعهدات والتزامات غير مضمونة من قبل الأطراف المشاركة بعدم التدخل في الأزمة الليبية واحترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011، وهذا غير ممكن وغير مقبول واقعياً على الأرض، فجميع الدول التي تقدم الدعم العسكري لهذا الطرف أو ذاك تفعل ذلك بشكل سري ومن خلف الكواليس بالتالي هذه الالتزامات لن تكون ذات فائدة بدون عقوبات رادعة في حال انتهاكها، وعمل على الأرض يمنع ارسال الأسلحة والدعم العسكري .
رابعاً: وضع خطة شاملة للدعم الاقتصادي وتقاسم الثروة النفطية والبدء بإعادة الإعمار، فمغريات الجانب الاقتصادي هي التي قد تدفع الطرفين المتحاربين الى الميل أكثر نحو حل سياسي، كما أن استقرار الأوضاع الاقتصادية للبلاد والبدء بإعادة الاعمار سيعطي فرصة ل الليبين لترك السلاح والعودة الى حياتهم الطبيعية.
فالاقتصاد جزء مهم لبداية أي حل سياسي وعلى الرغم من أن أي تحركات اقتصادية نحو اعادة الاعمار يجب أن تكون بعد اتفاق سياسي دائم، إلا أن وضع خطة مستقبلية واضحة المعالم سيعطي فرصة لليبيين للذهاب نحو مفاوضات تقود الى مثل هذا الحل .
قد تكون هذه أبرز النقاط التي كانت مرجوة من مؤتمر برلين والتي لم يتم الاتفاق عليها ولا وضع خطة عمل ملزمة لجميع الأطراف نحو حل سياسي شامل، ورغم أني أعتقد بأن مؤتمر برلين قد خرج بنتائج غير ماتم الإعداد له، ولكن على الأقل قد تكون خطوة صغيرة للتقدم نحو الأمام .
وربما يكون هذا الاجتماع الموسع بين الأطراف الدولية الرئيسية الفاعلة في الملف الليبي قد أعطى فرصة لتقاسم المصالح فيما بينهم وانهاء عرقلة الحل السياسي من طرفي النزاع والدول الداعمة لهم.
ناصر زهير
Commentaires