
وحدة الاقتصاد السياسي | ملف أوبك+
اريس 19 يوليو 2021 - أعلن تحالف أوبك+ التوصل الى اتفاق نهائي لزيادة الإنتاج بشكل تدريجي وتمديد اتفاق خفض الإنتاج الأساسي الى نهاية عام 2022 بدلا من أبريل القادم من نفس العام، وجاء اتفاق تحالف الدول المنتجة للنفط بعد أسابيع من خلافات وعراقيل منعت إقرار الاتفاق النهائي الذي كان مقررا منذ بداية الاجتماعات .
وعلى عكس التوترات السابقة قادت كل من المملكة العربية السعودية وروسيا الجهود الكبرى من أجل التوصل الى اتفاق مرضي لجميع الأطراف وهو ما يعكس توافق بين أكبر بلدين منتجين للنفط "السعودية وروسيا"، واستمرار هذا التحالف بين البلدين سيعني استقرار أكبر لأسعار النفط في ظل التقلبات الحادة التي خلفتها جائحة كورونا وإغلاق جزئي للاقتصاد العالمي .
وقالت المنظمة في بيان الأحد إنه قد تم التوصل إلى اتفاق مع شركائها لمواصلة زيادة الإنتاج بشكل متواضع، اعتبارا من أغسطس/آب، بعد أن عطلت الإمارات اتفاقا في وقت سابق من هذا الشهر.
وذكرت أوبك في بيانها أن الاتفاق ينص على قيام تحالف "أوبك بلاس" المؤلف من 23 دولة برفع الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر اعتبارا من أغسطس/آب، للمساعدة في دفع التعافي الاقتصادي العالمي مع انحسار الوباء.
وتابعت المنظمة أن التحالف "سيقيم تطورات السوق" في ديسمبر/كانون الأول. كما يمدد الاتفاق أيضا الموعد النهائي لوضع سقف للإنتاج من أبريل/نيسان 2022 إلى نهاية العام نفسه.
وسمحت نقاشات الأحد بالتوصل إلى تسويات سيتم بموجبها رفع حصة الإنتاج للإمارات إلى 3,5 ملايين برميل في اليوم في مايو/أيار 2022. كما سيتم تعديل حصص بلدان أخرى وهي العراق والكويت والسعودية وروسيا.
ويبدو الاتفاق الحالي هو أفضل ما يمكن التوصل اليه في الوقت الحالي أو ما يمكن أن نطلق عليه الحل الوسط بحيث يتم تثبيت مدة الاتفاق الأساسي لخفض الإنتاج الى نهاية 2022، مع زيادة في حصص الإنتاج ليس للإمارات فقط بل لدول أخرى مهمة مثل روسيا والسعودية والكويت والعراق .
- استقرار أسواق النفط والتحديات الكبرى -
يمثل استقرار أسعار النفط التحدي الأكبر للدول المنتجة والمستهلكة بعد التقلبات الكبيرة التي شهدتها الأسعار في العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا وضعف الطلب العالمي على الطاقة حيث انهارت أسعار النفط الى مستويات تاريخية وصلت الى السالب لأول مرة في تاريخها، وساهم تحرك سريع من منظمة أوبك وحلفائها من خارج المنظمة في موازنة الأسعار وإعادتها الى مستويات مرضية تعوض الخسائر الفادحة التي منيت بها أسواق النفط العالمية .
ولكن المشكلة تكمن في أن الأسعار قفزت الى مستويات 75 دولار للبرميل وهو سعر يفوق المستويات التي تم تحديدها لما يسمى السعر العادل بين المنتجين والمستهلكين وهو مابين 50 الى 55 دولار للبرميل، وتعتبر هذه الزيادة الكبرى التي قفزت بالأسعار من مستويات 20 دولار الى 75 دولار عامل تحد كبير للمنظمة والدول المنتجة .
فالأسعار المرتفعة ستمثل عامل إغراء لدول كثيرة من أجل زيادة انتاجها والاستفادة من هذه الأسعار لتعويض الخسائر الفادحة التي خلفتها جائحة كورونا وضعف الطلب العالمي على الطاقة، وإذا ما تمت مراجعة كواليس الاتفاق الأول عام 2020 بين أوبك والدول المستقلة فإن الأمور كانت صعبة جدا في إقناع الجميع بالوصول الى التخفيضات المطلوبة في موازنة السوق النفطية العالمية .
ولذلك يجب على أوبك+ أن تعمل بشكل جاد ومكثف من أجل موازنة أسعار النفط ومنعها من التضخم أو الانهيار، فارتفاع الأسعار بشكل كبير سيعني حرب في زيادة حصص الإنتاج وربما الانسحاب من تحالف آوبك+ في وقت لاحق، وقد شهدنا بروفة مصغرة للخلافات التي يمكن أن تحدث خلال الأيام الماضية .
كما أن حفارات النفط الصخري الأمريكية هي عامل تحد مهم في هذه المعادلة فأسعار بالقرب من 75 دولار سيعني زيادة كبيرة في عمل شركات النفط الصخري الأمريكية وهو ما قد يضرب جهود أوبك+ في التخفيضات المطلوبة، ولذلك يجب الحذر جيدا في النقاط التي تمثل تحديا مهما للدول المنتجة للنفط في إطار موازنة الأسعار بين العرض والطلب.
- مستقبل أسعار النفط العالمية -
تمثل أسعار النفط في العامين المقبلين التحدي الأكبر بالنسبة للدول المنتجة والمستوردة للنفط حول العالم، فلا ترغب الدول المستوردة للنفط بأسعار مرتفعة جدا كما في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما عكسه البيان الأمريكي الذي دعا في الأيام الماضية الى إزالة الخلافات بين أعضاء أوبك+، وأشارت التصريحات الأمريكية الى ضرورة العمل على ابقاء أسعار النفط منخفضة وفي مستويات مقبولة للجميع .
وتوقع بنك الاستثمار الأمريكي "غولدمان ساكس" حدوث تذبذب في أسعار النفط في الأسابيع القادمة بسبب المخاطر من سلالة دلتا، لكنه توقع ارتفاع أسعار الخام في المستقبل.
وأفاد بنك الاستثمار الأمريكي "غولدمان ساكس"، بأن اتفاق "أوبك+" لزيادة إمدادات النفط يدعم وجهة نظره بشأن أسعار الخام ويتوقع "رفعا" طفيفا لتوقعاته لفصل الصيف حتى يبلغ برنت 80 دولارا للبرميل.
وقال "غولدمان ساكس" في مذكرة "اشتمل الاتفاق على نقطتي تركيز بارزتين: زيادة معتدلة في الإنتاج والتي ستبقي السوق في حالة عجز في الأشهر المقبلة، بالإضافة إلى توجيهات لزيادة السعة التي ستكون مطلوبة في السنوات القادمة في ظل تنامي نقص الاستثمار".
ولكن التحديات ستكون في دخول النفط الإيراني الى الأسواق العالمية في الأشهر المقبلة مما قد يحدث فائض ب 3 ملايين برميل يوميا بالإضافة الى زيادة دول مثل نيجيريا وليبيا لحصصها النفطية، وفي هذا الإطار فإن التحالف الذي ظهر مؤخرا بين السعودية وروسيا قد يساهم في موازنة الأسعار العالمية ولكن من الضروري عدم انفلات الأمور نحو تضخم الأسعار وإلا فإن تحالف آوبك+ سيكون مهدد بالانهيار .
وحدة الأزمات الدولية | ملف أوبك+
مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية
Comentarios