top of page

اجتماع أوروبي لبحث ارتفاع أسعار الغاز.. الخيارات الأوروبية بين أزمات الطاقة والضغوط الجيوسياسية

Writer: NZC Media GroupNZC Media Group

باريس 13 أكتوبر 2021 - يواجه الاتحاد الأوروبي أكبر أزمات الطاقة في تاريخه عبر تضاعف أسعار الغاز الطبيعي الى ثلاثة أضعاف بالإضافة الى نقص كبير في الإمدادات مما قد يسبب ارتفاع أكبر وفوضى في السوق العالمي لأسعار الغاز الطبيعي الذي سيسبب أزمة كبرى لدول الاتحاد الأوروبي التي تواجه أزمات جيوسياسية مع روسيا والجزائر أكبر موردي الاتحاد الأوروبي بالغاز الطبيعي .


وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلتها دول الاتحاد الأوروبي بشكل منفرد للسيطرة على الأزمة لم تفلح تلك التحركات في استقرار السوق وتوفير الطلب اللازم للسوق الأوروبي مع بداية دخول فصل الشتاء، و دخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة عبر توجيه اتهامات لموسكو بتأجيج الأزمة وارتفاع أسعار الغاز متعهدة بدهم الحلفاء الأوروبيين باستقرار السوق و تأمين الإمدادات التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي .


وفي هذا الإطار يستعرض الاتحاد الأوروبي في اجتماع الأربعاء مجموعة إجراءات للتخفيف من حدة أزمة الطاقة التي تهدد بزيادة فواتير المستهلكين الأوروبيين.


وتواجه المفوضية الأوروبية ضغوطا للتعامل مع الأزمة الطارئة، وإن كانت حكومات الاتحاد الأوروبي مسؤولة بشكل منفصل عن مصادر الطاقة في دولها والضرائب ذات الصلة.


وتضاعفت أسعار الجملة للغاز الطبيعي، المؤشر الأساسي للاستهلاك الإجمالي وأسعار الطاقة الصناعية، بأكثر من ثلاث مرات هذا العام في أوروبا، فيما انخفض المخزون بشكل كبير قبيل الشتاء. كما ارتفعت أسعار النفط والفحم.


ويتّهم بعض المسؤولين الأوروبيين روسيا، أهم مصدر للغاز الذي يستورده التكتل، بـ"الابتزاز" عبر الحد من الإمدادات في محاولة لإجبار ألمانيا على تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم2" الذي يعبر البلطيق ويتجنّب الأراضي الأوكرانية.


لكن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل شككت في ذلك مشيرة إلى عدم وجود عقود غاز طويلة الأمد بما يكفي في الدول الأوروبية.



- تحركات أوروبية لتخفيف أضرار أزمة الطاقة -


مع تضاعف أسعار الغاز الطبيعي لثلاث مرات لا بد من تحركات داخلية لدول الاتحاد الأوروبي لاحتواء أضرار الأزمة التي قد تتفاقم وتسبب أعباء كبيرة على كاهل المستهلكين الأوروبيين، وفي مسعى للتخفيف من بعض الضغط كنقطة انطلاق للحل، يتوقع بأن تحضّ بروكسل الأربعاء الدول الأعضاء على خفض الضرائب الوطنية موقتا والتي تحدث تضخّما في تكاليف الطاقة بالنسبة للزبائن والأعمال التجارية.


وأفاد مفوّض الاتحاد الأوروبي للقطاع تييري برينتون في مقابلة أجرتها معه إذاعة فرنسية الاثنين أن "جميع دول (الاتحاد الأوروبي).. ستستفيد من هذا الوضع نظرا إلى كثرة الضرائب على الطاقة".


وقد تقر بروكسل خفضا موقتا لضريبة القيمة المضافة وتدعم مبادرات على غرار "شيكات طاقة" للعائلات الأفقر. كما قد يتم طرح مقترح بمخزون غاز استراتيجي على الطريقة الأميركية.


وبدا من غير المؤكد إن كان الاتحاد سيتبنى مقترحا من فرنسا، التي تنتج الجزء الأكبر من طاقتها عبر محطات نووية، بقطع الرابط بين سعري الغاز والكهرباء، أو آخر من إسبانيا يدعو الاتحاد الأوروبي للقيام بعمليات شراء مشتركة للغاز.


ولكن كل هذه التحركات تبدو تحركات مؤقتة لا يمكن أن تساهم في حل مستدام لأزمة الطاقة التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي وبالتالي لا بد من تحركات جذرية من أجل إيجاد حلول للأزمة سواء عبر اجراء محادثات جادة مع روسيا لعقود طويلة الأجل من الغاز الطبيعي وعزل توريد الغاز الى أوروبا عن الخلافات السياسية حتى لا يكون سلاح جيوسياسي يتم استخدمه في الأزمات، بالإضافة الى تأمين موارد إضافية من واردات الغاز الطبيعي سواء عبر زيادة الواردات من روسيا عبر خط الأنابيب نورد ستريم 2 أو عبر التفاوض مع موردين جدد من خارج الاتحاد الأوروبي وزيادة الواردات من الجزائر بالحد الأقصى .



- أوكرانيا تدخل على خط الأزمة -


طلبت أوكرانيا خلال قمة مع الاتحاد الأوروبي دعماً أكبر للدفاع عن مصالحها في مواجهة موسكو، في خضمّ أزمة طاقة عالمية تعزز قبضة روسيا على قطاع الغاز.


وسط ارتفاع أسعار الذهب الأزرق، تخشى كييف أن يسرّع الأوروبيون تشغيل خط أنابيب غاز "نورد ستريم 2" الروسية الألماني الذي سيسمح بتزويد أوروبا بالغاز عبر الالتفاف على أوكرانيا، ما سيحرم هذه الأخيرة من رسوم عبور باهظة.


لإبداء الدعم لهذا البلد الذي أضعفه منذ العام 2014 ضمّ موسكو القرم وحرب مع انفصاليين موالين لروسيا، توجه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الثلاثاء إلى كييف لعقد لقاء مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.


وقال زيلينسكي في مؤتمر صحافي بعد القمة إن نورد ستريم 2 "يطرح تحديات جديدة بالنسبة لأوكرانيا تُضاف إلى تلك الموجودة أصلاً".


وأضاف "الأمن المتعلق بالطاقة اساسي جداً بالنسبة لاستقلالية أوكرانيا (...) من الضروري تطوير رؤية مشتركة على المدى الطويل لأمن الطاقة في أوروبا".

وأكد ميشال وفون دير لايين مرات عدة أنهما "يتفهّمان مخاوف" أوكرانيا ووعدا "بتعزيز التعاون.


وأوضحت فون دير لايين أن الاتحاد الأوروبي وكييف "يدرسان سيناريوهات مختلفة لضمان إمداد كاف لأوكرانيا" التي "هي أصلاً دولة عبور موثوقة ويجب أن تبقى كذلك".

وتحدثت خصوصاً عن احتمال التنسيق في مسألة مخزونات الغاز وحتى إمداد أوكرانيا من سلوفاكيا المجاورة "إذا لزم الأمر".


و يهدّد تشغيل خطّ الأنابيب الروسي الألماني بحرمان أوكرانيا، وهي من بين الدول الأشدّ فقراً في أوروبا، من حوالى مليار يورو سنوياً تجنيها كييف من عبور الغاز الروسي أراضيها.



وتمثل أوكرانيا صداع كبير لمسؤولي المفوضية الأوروبية في الموازنة بين الدعم السياسي الذي تحتاجه في مواجهة روسيا وبين الحاجة الى تشغيل خط الأنابيب نورد ستريم 2 من أجل تأمين امدادات الطاقة التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي .


وتحتاج الدول الأوروبي الى موافقة روسيا في إبقاء خطوط الإمداد عبر أوكرانيا وهو أمر مشكوك فيه على الرغم من عدم صدور تصريحات روسية في هذا الإطار ولكن مع أي أزمة جديدة بين كييف وموسكو فإن روسيا ستستخدم تخفيف عبور الإمدادات من أوكرانيا كسلاح للضغط على كييف عبر تخفيف واردات رسوم العبور الباهظة التي تستفيد منها أوكرانيا، وفي هذه الحالة لن يتسبب مثل هذا القرار بأي خسائر لموسكو لأن البديل سيكون عبر خط الغاز نورد ستريم 2 .


ويحتاج قادة الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية الى تحركات كبيرة وصعبة خلال الفترة القادمة لتأمين الاستقرار اللازم للطاقة في أوروبا عبر محادثات صعبة مع روسيا والجزائر والموردين من الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي .


ولا توجد خيارات أخرى لدى دول الاتحاد الأوروبي سوى القيام بهذه الخطوات واستخدام كافة أوراق الضغط الممكنة للوصول الى هذه الاستراتيجية طويلة الأمد، وإلا فإن البديل سيكون فوضى في الأسعار وإمدادات الطاقة الى أوروبا ستتسبب بخسائر كبيرة للميزانيات الأوروبية التي تخرج من أزمات كبرى بسبب تأثيرات جائحة كورونا .



وحدة الأزمات الدولية | ملف الأزمات الاقتصادية

مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية

Comments


bottom of page