
وحدة رصد الأزمات الدولية | ملف السياسات الأوروبية
بروكسل 25 يونيو 2021 - مناقشات ساخنة شهدتها الليلة الأولى من اجتماعات القادة الأوروبيين في بروكسل للتوصل الى رؤية موحدة تجاه العديد من الملفات الصعبة التي تواجه الاتحاد الأوروبي، وكان المقترح الفرنسي الألماني بعقد قمة أوروبية روسية والاجتماع بشكل مباشر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الطاغي على نقاشات الليلة الماضية من دون التوصل الى أي رؤية مشتركة لتبني هذا الاقتراح .
وقالت المستشارة الألمانية آنغيلا ميركل في وقت مبكر يوم الجمعة 25 يونيو 2021، بعد محادثات في وقت متأخر من الليل في بروكسل، إن زعماء التكتل البالغ عددهم 27 لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق.
وأضافت المستشارة الألمانية ""لم يكن ممكنا اليوم الاتفاق على أننا يجب أن نلتقي على الفور في قمة" مع روسيا. واضافت "كنت أفضل شخصيا نتيجة أكثر جرأة".
- غضب ألماني وفرنسي من موقف بعض القادة الأوروبيين -
بدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مستاءة من رفض عدد من القادة الأوروبيين المقترح الفرنسي الألماني خاصة وأن المقترح كان يصب في صالح الاتحاد الأوروبي وسياساته الخارجية، وترى ميركل بأنه لا يمكن أن نكتفي بما دار في اجتماعات بايدن وبوتين بل يجب أن يكون هناك اجتماعات خاصة للأوروبيين لتحديد السياسة الخارجية .
وبعد أسبوع على القمة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي، سعت ميركل إلى تنظيم اجتماع مع بوتين لمناقشة قضايا ترتدي أهمية كبرى للاتحاد الأوروبي قبل أن تغادر الساحة السياسية في الخريف.
وقالت في مجلس النواب الألماني (البوندستاغ) قبل توجهها إلى بروكسل الخميس "لا يكفي أن يتحدث الرئيس الأميركي مع الرئيس الروسي. يجب على الاتحاد الأوروبي أيضا أن ينشئ صيغا مختلفة للمناقشة" مع موسكو.
من جهته، أكد بوتين الخميس أنه "يؤيد" آلية لحوار واتصالات مع الاتحاد الأوروبي، حسبما أعلن المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف.
وعارض قادة دول البلطيق وبولندا والسويد وهولندا استئناف الحوار مع روسيا، وهو الموقف الصعب للاتحاد الأوروبي في كل مناقشة من هذا النوع، فلا يمكن رهن القرارات المصيرية للتكتل الأوروبي بموقف بعض الدول الصغيرة التي لا تدرك مدى التحديات والصعوبات التي يجب أن تخوضها السياسة الخارجية الأوروبية .
وعلى عكس توجه هؤلاء القادة عبر عدد من القادة الأوروبيين عن دعمهم لهذا الاقتراح. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن "هذا الحوار ضروري لاستقرار القارة الأوروبية". وأضاف انه "سيكون حازما لأننا لن نتخلى عن أي من قيمنا أو مصالحنا".
و صرح المستشار النمساوي سيباستيان كورتس "دعمتُ ألمانيا وفرنسا لإجراء حوار على أعلى مستوى مع روسيا" لكن "من الضروري الآن تحديد أيّ قنوات حوار ستكون مفيدة".
كما صرح رئيس الوزراء البلجيكي الكسندر دي كرو أنه "لا يمكن أن تقتصر العلاقة مع روسيا على عقوبات اقتصادية وقرارات طرد دبلوماسيين"، مؤكدا أنه "في مرحلة ما يجب أن تتوفر إمكانية الاجتماع حول طاولة".
بالإضافة الى موقف ايطاليا الداعم لأي تحركات ايجابية لعقد حوار مع روسيا يؤدي الى خفض التصعيد بين الجانبين الأوروبي والروسي .
- توجه نحو عقد محادثات فرنسية ألمانية روسية -
تبرز العديد من الخيارات الأن أمام فرنسا وألمانيا بعد فشل جهودهم في الدفع نحو توافق أوروبي كامل لعقد قمة أوروبية روسية على غرار القمة الأمريكية الروسية، وكان هذا الرفض الأوروبي متوقعا قبل اجتماعات القمة بالأمس في ظل موقف دول أوروبا الشرقية الذي يدعو دائما الى سياسة تصادمية مع روسيا وبالتالي فإن الخيارات قائمة بعقد محادثات فرنسية ألمانية روسية قد تنضم اليها ايطاليا في مرحلة لاحقة،
مصدر في الخارجية الألماني قال لمركز جنيف للدراسات بأن التوجه الألماني الفرنسي بالحوار مع روسيا وفق المصالح الأوروبية الخالصة هو موقف استراتيجي لن يتم التراجع عنه، وبالتالي فإن هذه الاستراتيجية ستقودنا الى خطوات لاحقة من قبل برلين وموسكو إما بعقد محادثات قلاثية علنية أو عبر اللقاءات الثنائية بين مسؤولي البلدين لبحث الملفات والخلافات الأوروبية الروسية للوصول الا الحد الأدنى من التوافق .
ولا تشكل الدعوة الفرنسية الألمانية أي تنازل تجاه روسيا كما تطرح الدول الرافضة لعقد هذه القمة بل هناك تشديد من قبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بأن أي محادثات يجب أن تكون حازمة لا تنازل فيها، وهذا ما قد يخل التوازن الأوروبي المطلوب لدى الدول المؤيدة لهذا الحوار وهي الدول الكبرى داخل الاتحاد الأوروبي " فرنسا والمانيا والنمسا وبلجيكا وايطاليا" .
ومن خلال هذا التوجه القوي لدى هذه الدول فإن استقلالية السياسة الخارجية الأوروبية ستكون مضمونة في الفترة القادمة مهما كانت التحديات، كما أن فرنسا وألمانيا بالإضافة الى إيطاليا هم من يملكون الثقل الأكبر في توجيه بوصلة السياسة الأوروبية تجاه الملفات الحساسة .
وحدة الأزمات الدولية | ملف السياسات الأوروبية
مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية
留言