top of page

فرنسا تقتل قائد داعش في الصحراء الكبرى وتدخل في صراع متنامي مع روسيا "الخيارات الفرنسية في أفريقيا"

Writer: NZC Media GroupNZC Media Group

وحدة رصد الأزمات الدولية | ملف العلاقات الفرنسية الأفريقية


باريس 16 سبتمبر 2021 - أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليل الأربعاء أنّ قوات بلاده قتلت قائد تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى عدنان أبو وليد الصحراوي.

وقال ماكرون في تغريدة على تويتر إنّ قائد التنظيم الجهادي "تمّ تحييده على أيدي القوات الفرنسية"، في مصطلح عسكري أوضح الإليزيه أنّه يعني أنّه "قتل".


وأضاف الرئيس الفرنسي "هذا نجاح كبير آخر في معركتنا ضدّ الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل".


وفي تغريدة ثانية قال ماكرون إنّ "الأمّة تفكر هذا المساء بكلّ أبطالها الذين ماتوا من أجل فرنسا في منطقة الساحل في عمليتي سرفال وبرخان، وبالعائلات المكلومة، وبجميع جرحاها. تضحيتهم لم تذهب سدىً. مع شركائنا الأفارقة والأوروبيين والأميركيين سنواصل هذه المعركة".


وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى مسؤول عن غالبية الهجمات التي تشهدها منطقة المثلث الحدودي الواقع بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.


والمثلث الحدودي هو الهدف المفضّل لجماعتين جهاديتين مسلّحتين تنشطان فيه هما "تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" و"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة.


- فرنسا بين انهاء عملية برخان واستمرار العمليات العسكرية في أفريقيا -


أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل أسابيع عن انتهاء عملية برخان في الساحل الأفريقي، وهو الإعلان الذي شكل جدل كبير في الأوساط الفرنسية والأوروبية والأفريقية حول الدور الفرنسي في القارة السمراء في مواجهة التنظيمات المتطرفة التي تنامى دورها في الفترة الأخيرة، وهددت فرنسا في أكثر من مناسبة بأنها ستنهي دورها العسكري في الدول التي تشهد انقلابات وفوضى في تداول السلطة في أفريقيا .


ولكن على الرغم من الإعلان الفرنسي عن تحجيم الدور العسكري إلا أنها ما زالت مستمرة في جهودها في مواجهة التنظيمات المتطرفة واستهداف قادة التنظيمات في أكثر من مناسبة وهو ما سيجر ردا عسكري وعملياتي من هذه التنظيمات قد يكون باستهداف القوات الفرنسية بالساحل الأفريقي أو عبر عمليات إرهابية في الداخل الفرنسي وفي كلا الحالتين فإن باريس تفهم جيدا بأنها منخرطة بهذه الحرب ولا يمكنها الانسحاب منها بأي شكل من الأشكال .


وعلى ما يبدو فإن تصريحات قائد الجيوش الفرنسية حول " ضرورة استمرار فرنسا لعشر سنوات قادمة في دول الساحل الأفريقي مع تغيير ضروري في استراتيجيتها في التعاطي مع الجيوش الأفريقية " هي التي تغلب على توجهات العمليات العسكرية في دول أفريقيا بالنسبة لفرنسا، ولا يمكن انكار التباين في وجهات النظر بين المؤسسة العسكرية الفرنسية والسلطة السلطة السياسية في الإليزيه حول طريقة التعاطي مع ملف الساحل الأفريقي والدور الفرنسي بإفريقيا بالعموم .



- فرنسا والدور الروسي في أفريقيا بين إدارة الصراع والانسحاب -

في ظل التغير في الاستراتيجية الفرنسية في أفريقيا والتي لم تتضح الى حد اللحظة إذا ما كانت استدارة حقيقة أم مناورة للضغط على الحلفاء الأوروبيين من أجل توسيع مشاركتهم بشكل فاعل في مواجهة التنظيمات المتطرفة وخطر الإرهاب، برز متغير جديد على ساحة الصراع الدولية الجديدة في أفريقيا، حيث قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن أي اتفاق بين المجلس العسكري الحاكم في مالي ومجموعة "فاغنر" الروسية سيكون "متنافيا" مع بقاء قوة فرنسية في البلاد.


وأمام لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية، قال لودريان الثلاثاء "أي تدخل لمجموعة من هذا النوع في مالي سيكون متنافيا مع عمل الشركاء الساحليين والدوليين في مالي".

وشدد الوزير على "تجاوزات" مرتزقة هذه المجموعة الروسية في سوريا وأفريقيا الوسطى، وقال إنهم ارتكبوا "انتهاكات من شتى الأنواع" معتبرا أن توقيع اتفاق معهم "لا يمكن أن يؤدي إلى أي حل".


وبحسب مصدر فرنسي قريب من الملف، فإن المجلس العسكري الحاكم في مالي يدرس إمكان إبرام عقد مع مجموعة فاغنر لنشر ألف مقاتل روسي من المرتزقة في مالي لتشكيل قواتها المسلحة.


وقد أقرت السلطات المالية بأنها أجرت محادثات مع المجموعة الروسية، لكنها شددت على أنها "لم توقع" أي اتفاق.

من جهتها قالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي إن أي اتفاق بين باماكو ومجموعة فاغنر سيكون مصدر "قلق بالغ ومناقضا" لمواصلة الانخراط العسكري لفرنسا في منطقة الساحل المستمر منذ 8 سنوات.

وأضافت الوزيرة "إذا أبرمت السلطات المالية عقدا مع مجموعة فاغنر، فسيثير ذلك قلقا بالغا، وسيكون مناقضا لكل ما قمنا به على مدى سنوات وكل ما نسعى إلى القيام به دعما لبلدان منطقة الساحل".


وكانت رويترز ذكرت أن الحكومة الانتقالية في مالي بعد الانقلاب، والتي يهيمن عليها الجيش، على وشك توقيع اتفاق مع مجموعة فاغنر، ينص على تدريب الجيش وحماية كبار المسؤولين في البلاد.

وأشارت الوكالة إلى أن نحو ألف مرتزق يمكن أن يتوجهوا إلى مالي، مقابل دفع مبلغ 10.8 ملايين دولار شهريا.

وحتى لو أعلنت وزارة الدفاع في مالي أنها ليست على علم بمثل هذا الاتفاق، لكنها منفتحة على المحادثات مع الجميع، وسيضع وجود فرنسا بالمنطقة في موقف صعب.


ولا يمكن لفرنسا أن تعيد خطأها عندما علقت المساعدات لدولة افريقيا الوسطى احتجاجا على الدور الروسي والاتفاقات التي أبرمتها الحكومة هناك مع موسكو، فهذه الاستراتيجية تعتبر خطأ كبير ولا يجب الاستمرار فيها في مالي أيضا إذا ما وقع المجلس العسكري الحاكم أي اتفاق مع مجموعة فاغنر الروسية .


فهذه الاستراتيجية ستساهم بانقطاع في التواصل بين فرنسا ومعظم الدول الأفريقية التي ستدخل في اتفاقيات ليس مع روسيا فقط بل هناك الصين وتركيا وامريكا وبريطانيا، ومجموعة اللاعبين الدوليين لديهم توجهات استراتيجية نحو القارة الأفريقية في المستقبل القريب .


- خطأ استراتيجي وضرورة الدفع نحو دور أوروبي متكامل -


ولا يعتبر القرار الفرنسي بتعليق المساعدات المالية والتعاون العسكري مع افريقيا الوسطى أو التهديد بسحب القوات من مالي جيدا في التوقيت الحالي نظرا لإمكانية أن تشغل القوى العالمية المتصارعة في أفريقيا مكان باريس سواء كان الدور الاقتصادي أو التعاون العسكري وهناك روسيا وتركيا والصين المرشحون لشغل هذا الدور الفرنسي الذي قررت باريس تعليقه .

ولكن النقطة الأساسية ستكون في توجهات فرنسا وهل تضمن بأن نفوذها في مستعمرتها السابقة جمهورية أفريقيا الوسطى لن يتأثر، وإذا ما كان هذا القرار هو فقط لممارسة الضغوط على السلطة الحاكة هناك أم فعليا هناك امكانية لتخلي فرنسا عن دورها في افريقيا الوسطى.


واذا ما بدأت باريس بسياسة تعليق التعاون الاقتصادي والعسكري مع الدول الافريقية التي لا تتماشى مع سياساتها فإن هذا القرار سيكون خطأ استراتيجي كبير جدا لن تكون ارتداداته على فرنسا ايجابية على المدى المتوسط والبعيد .


فعلى باريس أن تتقبل فكرة بأن المنافسة الدولية بدأت في أفريقيا ولا يمكنها إلا أن تكون منافس قوي في هذه المنطقة للحفاظ على نفوذها الاستراتيجي بدلا من قطع العلاقات والتخلي عن بعض الدول الأفريقية، كما أن باريس يجب أن تحشد معها الدور الأوروبي القوي والذي يمكن أن يكون سند قوي سياسيا واقتصاديا وعسكريا بالنسبة لفرنسا في مواجهة اللاعبين الدوليين المتصارعين على المنطقة، خاصة وأن مشاكل الهجرة غير الشرعية وتنامي الجماعات المتطرفة خطر يهدد فرنسا والاتحاد الأوروبي بشكل مباشر .


ومن خلال تصريحات سابقة لرئيس الأركان الفرنسي حول ضرورة بقاء القوات الفرنسية في افريقيا ودول الساحل لعشر سنوات قادمة هو مؤشر على أن لا نية لباريس بالانسحاب من أي من مناطق نفوذها الافريقية المهمة، ولكن النقية الأهم يجب التركيز على دور أوروبي أكبر يبعد عن باريس اتهامات الاستعمار الجديد كما قال رئيس الأركان للجيش الفرنسي .

ويجب على فرنسا أن تتقبل سيناريو إدارة الصراع في المصالح الدولية في أفريقيا فبعد أن كانت اللاعب الرئيسي الوحيد لعقود طويلة في القارة السمراء تغيرت التوجهات اليوم لتصبح في دوامة من الصراعات الدولية في المنطقة أبطاله الصين وروسيا وأمريكا وتركيا وبريطانيا .


وإذا ما اختارت باريس قطع الواصل والمساعدات والتعاون العسكري مع كل دولة ستقوم بتوقيع اتفاقيات مع دولة كبرى من الدول التي تسعى للعب دور مهم في أفريقيا فإن فرنسا ستجد نفسها في عزلة وقطيعة مع معظم الدو الأفريقية، وبدلا من أن تعزل باريس هذه الدول وحكامها قد تصبح هي معزولة في قارة بدأ اللاعبون الدوليون الكبار بالتوجه نحوها بقوة .




وحدة الأزمات الدولية | ملف العلاقات الفرنسية الأفريقية

مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية

Comments


bottom of page