top of page

فضيحة التجسس "بيغاسوس" و ارتداداتها على العلاقات الدولية.. فرنسا تعدل اجراءات التأمين الاستراتيجية

Writer: NZC Media GroupNZC Media Group

وحدة الأزمات الدولية | ملف فضيحة بيجاسوس

باريس 23 يوليو 2021 - بدأت فرنسا باتخاذ اجراءات ملموسة على أرض الواقع فيما يتعلق بمواجهة تداعيات فضيحة التجسس الدولية " بيغاسوس "، و قال مسؤول في الرئاسة الفرنسية يوم الخميس إن الرئيس إيمانويل ماكرون غير هاتفه ورقمه في ضوء ما جرى الكشف عنه في قضية برنامج بيجاسوس للتجسس وذلك في أول تحرك ملموس على صلة بالفضيحة.


وقال المسؤول لرويترز "إن لديه عدة أرقام هواتف. هذا لا يعني إن هاتفه قد جرى اختراقه. هذا فقط تأمين إضافي".


وبعد اجتماع استثنائي لمجلس الدفاع الفرنسي دعا اليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية جابرييل أتال يوم الخميس إن فرنسا قررت تعديل إجراءات التأمين وخاصة تلك المتعلقة بتأمين الرئيس ماكرون في ضوء القضية.



وكانت أزمة كبرى أثارتها وقائع تم الكشف عنها عن استهداف الاستخبارات المغربية لصحفيين فرنسيين وسياسيين كبار عبر برنامج التجسس الإسرائيلي " بيغاسوس "ومن المحتمل أن يكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل المغربي محمد السادس "على قائمة الأهداف المحتملة" للبرنامج الذي استخدم للتجسس على صحافيين ومدافعين عن حقوق الانسان وسياسيين، وفق مجموعة وسائل إعلام كشفت الفضيحة.


من جهته نفى المغرب أي صلة له بهذه القضية كما نفت السلطات امتلاكها لأي تقنيات يتم استخدامها في التجسس على صحفيين أو ناشطين أو سياسيين، ولكن هذا النفي المغربي لم يلقى صدى لدى السلطات الفرنسية التي باشرت تحقيقاتها في القضية، كما أن الأنباء عن استهداف الملك المغربي ببرنامج التجسس لم تعطي أي تبرير بأن الاستخبارات كانت تعمل بعيدا عن القرار السياسي المغربي .


ولا يُستبعد تورط أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بهذه الفضيحة بشكل مباشر أو غير مباشر، فبرنامج التجسس " بيغاسوس " هو من تطوير شركة اسرائيلية ترتبط ارتباط وثيق بالاستخبارات الإسرائيلية وبالتالي فإن أمكانية تخطيط إسرائيل لهذه العمليات وتوريط أجهزة استخبارات أخرى قائمة وبشدة .


- الإليزيه يشير الى وقائع "بالغة الخطورة" -


ورداً على سؤال لوكالة فرانس برس في وقت سابق قالت الرئاسة الفرنسية إنّه "إذا تبينت صحة هذه الوقائع فهي بالتأكيد بالغة الخطورة".


وبالتالي فإن القرار الفرنسي على ما يبدو ينتظر نتائج التحقيقات والمتابعات ليست القضائية فقط وإنما الاستخباراتية أيضا، وإذا ما ثبت وقوف السلطات المغربية بأحد شقيها السياسي أو الاستخباراتي خلف هذه القضية فإن العواقب ستكون سلبية جدا على العلاقات بين الرباط وباريس .


ويبدو بأن فرنسا والدول الأوروبية ستكون بحرج شديد إذا ما ثبت التجسس على هواتف ماكرون وزعماء الحكومة الفرنسية وبعض المسؤولين الأوروبيين وأبرزهم شارل ميشال، وستكون هذه المرة الثانية خلال أشهر التي يتم فيها الكشف عن التجسس على هواتف أرفع المسؤولين الأوروبيين بعد فضيحة تجسس الاستخبارات الأمريكية بالتعاون مع الدنمارك على مسؤولين أوروبيين كانت أنغيلا ميركل من أبرزهم .


وبحسب صحيفة واشنطن بوست، وهي بدورها ضمن المجموعة، تضم القائمة رقمي هاتفي الرئيسين العراقي برهم صالح والجنوب إفريقي سيريل رامابوزا.

كذلك أوردت الصحيفة الأميركية أنّ القائمة تضم رؤساء الوزراء الحاليين الباكستاني عمران خان والمصري مصطفى مدبولي والمغربي سعد الدين العثماني وسبعة رؤساء وزراء سابقين بينهم اللبناني سعد الحريري والأوغندي روهاكانا روغوندا والبلجيكي شارل ميشال.

ولا يبدو بأن هذه الوقائع ستبقى في إطار مواجهات استخباراتية بين أجهزة الدول بل ستنتقل الى التأثير السياسي المباشر على العلاقات الدولية وارتداداتها على العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية في مراحل لاحقة .


- تأثير عمليات التجسس على العلاقات الدولية -


نهج جديد في مبدأ النزاعات الدولية ستخلقه عمليات التجسس من قبل أجهزة استخبارات دول على دول أخرى سواء كانت حليفة أو عدوة، ولن تكون الارتدادات لمثل هذه العمليات على المستوى الأمني والاستخباراتي فقط لأن هذه العمليات بدأت تستهدف السياسيين من الصف الأول وقادة الدول وأجهزة الاستخبارات وكل ما يمكن أن يمس بالأمن القومي للدولة المستهدفة، ومن خلال الوقائع في الأشهر الأخيرة فإن هذه العمليات أصبحت موسعة بشكل كبير للغاية وأصبحت فصل جديد من فصول الحروب السيبرانية التي ترقى الى عملية اعتداء على سيادة دولة أخرى .


ولا يمكن أن تقف دول مثل فرنسا وألمانيا مكتوفة الأيدي تجاه عمليات التجسس التي تستهدف قادتها من الصف الأول مما يعني بأن الأمن القومي لهذه الدول أصبح مستهدف بشكل كبير ومخترق في بعض الحالات التي نجحت فيها عمليات التجسس كما حدث مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل .

ومن الناحية العملية ستعيد هذه الدول بناء استراتيجياتها الدفاعية من جديد من أجل تشكيل وحدات سيبرانية كبرى تكون قادرة على مواجهة هذه الهجمات التي تستهدف الأمن القومي لهذه الدول، ويبدو بأن الاستراتيجيات الدفاعية والإنفاق العسكري سيشهد تغيير من توجهاته ليصبح الجزء الأكبر منه موجه نحو المواجهات السيبرانية التي ستكون موسعة في السنوات القادمة .


تبقى المعضلة في التشريعات الدولية وهل يمكن معاقبة دولة ما إذا ما قامت بمثل هذه العمليات التي ترقى الى اعتداء عسكري على دولة أخرى مما يتطلب تدخل مجلس الأمن وفي مراحل لاحقة فرض عقوبات دولية، يبدو هذا السيناريو ممكنا ولكن ليس في المستقبل القريب فلا زالت الكثير من الأوراق الدولية تحتاج الى الترتيب أولا قبل اتخاذ هذه مثل هذه الخطوات .


وحدة الأزمات الدولية | ملف فضيحة تجسس بيغاسوس

مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية

Comments


bottom of page