
وحدة الأزمات الدولية | ملف السياسات الأوروبية
باريس 25 مايو 2021 - تختتم اليوم أعمال القمة الأوروبية الدورية في بروكسل بعد مناقشة ملفات ساخنة طرأت على الساحة الدولية قبل وأثناء اجتماع القادة الأوروبيين في مقر الاتحاد الأوروبي، فقبل يوم واحد فقط من بدء أعمال القمة الأوروبية قامت بيلاروسيا بعملية قرصنة جوية "كما يصفها الأوروبيون"، حيث أجبرت طائرة الخطوط الجوية الأوروبية ryaair على الهبوط في مينسك بعد اعتراضها من قبل مقاتلة عسكرية واعتقال أحد ركابها من المعارضة البيلاروسية .
وكان تصرف بيلاروسيا صادم بشكل كبير لقادة أوروبا خاصة بأن الرحلة الجوية تابعة لشركة طيران أوروبية وكانت متجهة من أثينا الى لاتفيا وهما دولتان عضو في الاتحاد الأوروبي، ولم تمر سوى ساعات قليلة حتى خرجت تصريحات قوية من مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزيف بوريل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين و وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان والذين شددوا في بياناتهم على ادانتهم لتصرف بيلاروسيا وطالبوا بإطلاق المعارض البيلاروسي الذي تم اعتقاله في مينسك .
وبعد الاجتماع الأول قرر قادة الاتحاد الأوروبي إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات البيلاروسية بالإضافة الى تجنب شركات الطيران الأوروبية التحليق في أجواء روسيا، بالإضافة الى مناقشة جدية لفرض عقوبات موجعة على بيلاروسيا، وكانت تلك العقوبات قد تأجلت في أكثر من مناسبة في محاولة لخفض التصعيد إلا أن الاستفزاز الأخير من قبل الرئيس البيلاروسي سيجبر قادة أوروبا على اتخاذ موقف حازم تجاه بيلاروسيا .
وأتت الأزمة السياسية في مالي لتطغى على المناقشات بين قادة أوروبا بعد الانقلاب العسكري الجديد الذي قام بها مجموعة من العسكريين ضد قادة المرحلة الانتقالية واحتجاز الجيش الرئيس ورئيس الوزراء الانتقاليين، في تحرك دانه المجتمع الدولي وأراد من خلاله الجيش تأكيد هيمنته بعد تسعة أشهر من انقلابه.
وتأتي الاضطرابات في مالي بعد أيام من تصريحات أطلقها رئيس الأركان الفرنسي حول ضرورة تعزيز التواجد العسكري الأوروبي في دول الساحل الافريقي والانتقال من تدريب الجيوش الأفريقية الى إعادة بناءها من جديد، وهو ما يعكس ضرورة التحرك الأوروبي السريع بجانب فرنسا من أجل التوصل الى استراتيجية جديدة في التعامل مع التهديدات القادمة من أفريقيا عبر الهجرة غير الشرعية والجماعات المتطرفة وعدم الاستقرار في هذه المنطقة قد يخلق واقع من الفوضى الذي سيهدد استقرار الدول الأوروبية .
- عقوبات على بيلاروسيا -
لا يبدو بأن القادة الأوروبيون سيصمتون على التصعيد البيلاروسي الأخير ومن متابعة تصريحات المسؤولين الأوروبيين فإن ملف العقوبات بات مطروحا وبقوة على طاولة المفاوضات بعد التصرف الطائش والتصعيد الخطير الذي قامت به سلطات مينسك، وسيكون قادة بروكسل محرجين للغاية أمام دول أوروبا الشرقية " ليتوانيا وبولندا ولاتفيا " إذا لم يتم فرض هذه العقوبات على بيلاروسيا .
- طريقة التعاطي مع التوترات في مالي -
في أول ردة فعل من قبل الاتحاد الأوروبي طالب جوزيف بوريل بإطلاق سراح الرئيس النيجيري و رئيس الوزراء المالي وهذا بأن الاتحاد الأوروبي سيفرض عقوبات ضد أولئك الذين يقفون في طريق الانتقال السياسي، مما يعكس توجه أوروبي نحو موقف حازم تجاه التطورات في مالي .
ومن المتوقع أن تطغى أصداء التصريحات التي أطلقها رئيس السكان الفرنسي حول دور أوروبي أكبر في أفريقيا على مناقشات قادة أوروبا سواء في هذه القمة أو قمة يونيو القادمة .
وحذّر الجنرال لوكوانتر بأنه من دون عمل مشترك في منطقة الساحل، "ستصبح هذه المنطقة منطقة فوضى" مع "موجات هجرة غير قانونية تستحيل السيطرة عليها وستزعزع استقرار دولنا الأوروبية الكهلة".
ورأى أنّ انتقادات "الاستعمار الجديد" تجاه فرنسا التي تنشر أكثر من 5 آلاف عنصر في مكافحة الإرهاب بالساحل الافريقي، ستخف في حال تولت أوروبا زمام الأمور.
ولفت إلى أنّ "مخاطر (مثل هذه الاتهامات) ستكون أقل إذا كانت أوروبا هي المقترحة لا فرنسا وحدها، حتى لو أنّ تصرفنا يرتكز على طلب دول" الساحل.
وشدد على أنه "من الضروري تقاسم الجهود بين الدول الأعضاء لتعزيز القوة".
ومن الممكن أن يضطلع الاتحاد الأوروبي بدور أكبر في أفريقيا ودول الساحل بالخصوص بعد التوترات الأخيرة في مالي وتشاد، بالإضافة الى ضرورة التحرك الأكبر في مواجهة النفوذ الروسي والصيني الذي بدأ يشكل عامل قلق بفرنسا والدول الأوروبية .
وتبدو التحديات كبيرة أمام القادة الأوروبيين حول ملفات السياسات الداخلية والخارجية ولكن من غير المتوقع اتخاذ قرارات مهمة خلال القمة الحالية لأن الأمر سيبقى مرحل الى القمة الأهم في الشهر القادم بالتزامن مع زيارة بايدن وقمة حلف شمال الأطلسي .
وحدة الأزمات الدولية | ملف السياسات الأوروبية
مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية
Comments