top of page

مؤتمر حزب اليمين المتطرف الفرنسي.. لوبان بين الخطاب الكلاسيكي والفشل بتقديم برامج مقنعة للناخبين

Writer: NZC Media GroupNZC Media Group

وحدة الدراسات السياسية | ملف اليمين المتطرف الفرنسي

باريس 3 يوليو 2021 - تسعى زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان الى تجاوز الصدمة التي واجهها حزبها التجمع الوطني عبر خسارته الانتخابات الإقليمية قبل أيام، وتعتبر هذه الخسارة المدوية مفاجأة تحد من طموحات لوبان في الوصول الى قصر الإليزيه عبر الانتخابات الرئاسية القادمة في العام القادم 2022 .


وتسعى لوبن إلى إعادة تعبئة صفوف أنصارها يومي السبت والأحد، ومن المقرر أن يقدم مؤتمر نهاية هذا الأسبوع بعض التوضيحات التي طلبها مؤيدو الحزب.


ولا تبدو لوبان قادرة على تقديم أكثر من الخطاب الشعبوي الجاذب لأنصارها الساخطين على أداء حكومة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ولكن في إطار العمل السياسي الحقيقي وتقديم البرامج السياسية والاقتصادية المقنعة للناخبين الفرنسيين فقد فشلت لوبان وفريقها بشدة في كل استحقاق انتخابي مهم واجهه اليمين المتطرف .



وكان الحزب الجمهوري " يمين الوسط " هو أكثر المستفيدين من نتائج الانتخابات الإقليمية حيث حل في المرتبة الأولى، وهذا المؤشر قد يعطي بارقة أمل بأن الأحزاب التقليدية الفرنسية الكلاسيكية " الجمهوريين والاشتراكيين " قد يعودون الى المشهد السياسي بشكل أو بأخر خلال الفترة القادمة وإذا ما كانت نتائج الانتخابات الإقليمية جيدة لهذه الأحزاب فإنها قد تستجمع قواها بين اليمين واليسار لتقديم مرشح رئاسي يكون قادرا على المنافسة في الانتخابات الرئاسية القادمة بدلا من انحصار المنافسة بين الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان .


- خارطة الأحزاب السياسية الفرنسية -


وكانت الأحزاب "التقليدية" التي ضعف وجودها في المشهد الإعلامي في السنوات الأخيرة وهزها الانتخاب المفاجئ للوسطي إيمانويل ماكرون الذي انتزع ناخبي اليمين واليسار على حد سواء في الاقتراع الرئاسي في 2017، صاحبة الحظ الأكبر في تحقيق اختراق مهم في هذه الانتخابات .


ويبدو اليمين في وضع جيد للعودة الى الحياة السياسية الفرنسية وامكانية الدفه بمرشح للانتخابات الرئاسية على الرغم من صعوبة هذا الطرح في الوقت الحالي، إلا أن نشوة الفوز بالانتخابات الإقليمية قد يدفه نحو العمل بشكل مضاعف للوصول الى هذه الصيغة .


كما أن هذه العودة للانقسام بين اليسار واليمين يجب تحليلها بحذر ولا شيء يوحي بأن المنافسة التي تتوقعها كل معاهد استطلاعات الرأي، بين ماكرون وزعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية لعام 2022 أصبحت موضع شك.


- تحالف القوى السياسية الفرنسية المطلق ضد اليمين المتطرف -


عكست الانتخابات الإقليمية الأخيرة توجه جديد لدى الأحزاب والقوى السياسية الفرنسية في مواجهة اليمين المتطرف والحد من أي نفوذ سياسي قادم قد يمكنه من الوصول الى مفاصل السلطة الأساسية، ففي المرحلة من هذه الانتخابات وعلى الرغم من نسب المشاركة المتدنية إلا أننا شهدنا تحالف بين اليمين واليسار ضد مرشح اليمين المتطرف تييري مارياني في منطقة "بروفانس آلب كوت دازور"،

حيث انسحب مرشح اليسار جان لوران فليزيا الذي حل ثالثا في الدور الأول من الانتخابات الإقليمية الفرنسية، لتمهيد الطريق أمام مرشح اليمين موزولييه. وبانسحاب فليزيا يتم تعزيز ذهاب أصوات اليسار لمرشح اليمين موزولييه وتشكيل جبهة موحدة لمواجهة مارياني في الدور الثاني الحاسم.


وفي مناطق أخرى تم التحالف بين اليمين واليسار والخضر والوسط ضد اليمين المتطرف وهو ما أصبح موضع قلق شديد لمارين لوبان وحزبها بأن حظوظها في الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون منعدمة في الجولة الثانية كما يحدث كل مرة مع مرشحي اليمين المتطرف .


ومن غير المتوقع أن تستطيع لوبان تقديم ما يقنع الناخبين الفرنسيين بالتصويت لها في انتخابات 2022، فلا زالت تتبنى القضايا التقليدية لليمين المتطرف حول الهجرة والأمن مع إغفال القضية الأهم بالنسبة للفرنسيين وهي الاقتصاد والبرامج والخطط التي قد تضمن تحسن الأوضاع الاقتصادية في الفترة القادمة .


- عودة المزاج الفرنسي نحو الكلاسيكية الحزبية بين الجمهوريين والاشتراكيين -


قد لا تعكس نتائج الانتخابات الإقليمية التوجه الحقيقي للناخبين الفرنسيين في الانتخابات الرئاسية في العام القادم 2022، ولكنها تعطي بعض المؤشرات حول رغبة الفرنسيين في العودة الى الكلاسيكية التقليدية في اختيار الأحزاب الحاكمة بين الجمهوريين من اليمين والاشتراكيين من اليسار، فهذا التنافس الذي امتد الى عقود بين أكبر حزبين سياسيين في البلاد انهار في العشر سنوات الأخيرة مع انهيار المنظومة القيادية داخل هذه الأحزاب وغياب الشخصيات القيادية التي تحمل مشاريع سياسية واقتصادية تستطيع اقناع الفرنسيين بالتصويت لهم .


وكان حزب الجمهورية الى الأمام والرئيس الحالي ايمانويل ماكرون أكثر المستفيدين من هذا الانهيار البنيوي في الأحزاب الفرنسية والذي قاد الى وصول ماكرون الى الرئاسية وفوزه في انتخابات عام 2017 بعد أن نافس مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان في الجولة الثانية، وهو ما شكل ضربة قاضية أدت الى تراجع الجمهوريين والاشتراكيين في الحياة السياسية الفرنسية

وفي الإطار نفسه انحصرت المنافسة السياسية وفق استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية المقبلة بين حزب الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون وحزب اليمين المتطرف التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان وفق بعض الاستطلاعات التي أشارت الى امكانية فوز لوبان في هذه الانتخابات .


وتعكس سياسات الرئيس الحالي ماكرون الداخلية بما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي والقوانين الداخلية التي تم تعديلها وأهمها قانون التقاعد الى أزمة السترات الصفراء وغيرها من الأزمات الداخلية، تعكس غضب في الشارع الفرنسي من السياسات والأخطاء الكبرى التي تم ارتكابها من قبل ماكرون وحزبه وفق رأي نسبة كبيرة من الناخبين الفرنسيين، وبالتالي فأن الخيار قد يكون بالتصويت الى اليمين المتطرف ومرشحته مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية المقبلة .


ولكن النتائج لانتخابات الأقاليم قد تدفع الفرنسيين لإعادة حساباتهم أو أن نسبة كبيرة منهم قد فعلت ذلك بالفعل واتخذت القرار الصعب " وهو العودة الى الكلاسيكية السياسية الفرنسية التقليدية بين الجمهوريين والفرنسيين "، وهذا المؤشر رغم أنه ضعيف للغاية ولكنه قد يكون بداية لتغيير في توجهات الناخبين الفرنسيين في العام المقبل.


فالمغامرة بدعم لوبان وحزبها للوصول الى الرئاسة بسبب الغضب من سياسات ماكرون وحكومته سيكون كارثيا على البلاد بسبب السياسات الداخلية والخارجية التي يحملها حزب لوبان والتي قد تؤدي الى أزمات غير مسبوقة في الداخل والخارج بالنسبة لفرنسا التي تعاني من تبعات جائحة كورونا المدمرة اقتصاديا .

كما أن اليمين المتطرف ومرشحته لم يقدموا أي غرامة اقتصادية حقيقية وقوية قد تستطيع اقناع الفرنسيين بانتخابهم خاصة وأن الاقتصاد هو الأهم في الوقت الحالي بالنسبة للناخب الفرنسي عدا الناخبين التقليديين لليمين المتطرف الذين لا يعطون هذه الحسابات أهمية .


وبالتالي فإن الخيار قد يكون بالعودة لدعم مرشح أحد الحزبين الجمهوريين أو الاشتراكيين إذا ما استطاعوا حشد قواهم السياسية وتقديم مرشح قوي يستطيع مواجهة ماكرون لوبان، وحتى لو كان هذا الأمر صعب للغاية في الوقت الحالي نظرا لضعف الحزبين الحالي فأن حشد قواهم في الانتخابات الرئاسية القادمة وتقديم مرشحين مقنعين سيساهم على أقل تقدير بقسم اليمين واضعاف توجهات أقصى اليمين المتطرف بقيادة لوبان، وفي هذه الحالة حتى لو فاز الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون بجولة ثانية فإن الفرصة ستكون مناسبة لإعادة بناء الحزبين بقوة أكبر امكنهم من العودة والفوز بالانتخابات الرئاسية التي تليها في 2027، ولكن فوز اليمين المتطرف بقيادة لوبان بشكل أو بأخر سيقلب الحياة السياسية في فرنسا الى درجة يصبح فيها الجميع خاسرين من الجمهوريين الى الاشتراكيين والخضر والجمهورية الى الأمام .


وتبقى نتائج الجولة الثانية اليوم هي الفاصلة في توجهات الناخبين الفرنسيين ولكن أي نتائج بخلاف التي حدثت في الجولة الأولى لن تغير في انعكاس الرغبة لدى شريحة كبيرة من الناخبين الفرنسيين بالعودة الى الكلاسيكية السياسية بين اليمين واليسار "الجمهوريين والاشتراكيين " .



الملف الفرنسي | ملف اليمين المتطرف

مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية

Comments


bottom of page