
وحدة الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
باريس 20 أبريل 2021 - تنطلق اليوم الثلاثاء في فيينا جلسة رسمية جديدة للجنة المشتركة في الاتفاق النووي الإيراني من أجل متابعة المحادثات التي انطلقت قبل أسبوعين من أجل إعادة إحياء الاتفاق المبرم عام 2015، وتأتي الجلسة الثالثة وسط تفاؤل حذر بعد التقارير عن تقدم إيجابي في المحادثات ولكن مع تأكيد في تصريحات الدبلوماسيين من البلدان المشاركة بأن هذا التقدم لا يعني الاتفاق النهائي .
وفي هذا الإطار قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي إن طهران ليست مستعدة لتقديم "امتيازات جديدة" لواشنطن في مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي.
وجاءت تصريحاته اليوم الثلاثاء قبل ساعات قليلة من عقد جولة مفاوضات جديدة في فيينا على مستوى نواب وزراء خارجية الدول المعنية بالاتفاق النووي، وقال المتحدث الإيراني في مؤتمر صحفي إن من المبكر الحديث عن نتائج مفاوضات فيينا، "لكننا أصبحنا في المسار الصحيح".
وتابع قائلا "لسنا في عجلة من أمرنا، ولسنا مستعدين لتقديم امتيازات جديدة خارج إطار الاتفاق النووي".
وعلى الرغم من التقدم الإيجابي في مسار المفاوضات ولكن هناك تعقيدات كثيرة لا زالت تنتظر أي اتفاق نهائي، كما أن التفاصيل ستكون معقدة للغاية بين الجانبين ولكن الأهم الأن بالنسبة لجميع الأطراف وخاصة الأطراف الأوروبية هو تحقيق خرق دبلوماسي في الجمود الذي كان يشمل الاتفاق النووي الإيراني .
وفي هذا الاتجاه يمكن أن يكون الأوروبيون أنفسهم عقدة في المفاوضات المتقدمة عندما سيتحولون من طرف وسيط يسعى لمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الى طرف له مطالبه المحددة بما يتعلق بسياسات إيران الإقليمية وبرنامج الصواريخ البالستية وهنا ستكمن التعقيدات المتقدمة القابلة للحل بطبيعة الحال .
ولا يبدو بأن الدول الأوروبية وخصوصا فرنسا ستتخلى عن مطالبها بشمل المحادثات حول السياسات الإقليمية وبرنامج الصواريخ البالستية، ولكن يمكن أن تكون هذه المحادثات بصيغة تتابعية قد تكون في خطوات لاحقة في سلسلة محادثات، أو اللجوء الى صيغ أخرى قد تكون بتغيير خلف الكواليس في السياسات الإقليمية بشكل محدود ولكن الأوروبيون يفهمون جيدا بأن هذا التغيير لن يكون طويل الأمد إلا بضمانات قوية .
ـ خطوات محدودة من الجانبين الإيراني والأمريكي ..
بحسب التقارير تستعد مجموعات العمل في مفاوضات فيينا لمناقشة المسائل التقنية المتعلقة بالعقوبات الأميركية التي يمكن رفعها، وما يقابلها من خطوات إيرانية للعودة إلى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي، أي أن مبدأ الخطوة بخطوة سيكون مطروح على الرغم من النفي الإيراني ولكن الآليات ستبدأ بخطوات محددة من الجانبين بدلا من أن تكون صيغة اتفاق نهائي رغم أن هذه الصيغة لا تزال قائمة .
كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي المساعد السياسي لوزير الخارجية أمس الاثنين قال إنه لا يوجد أي تفاوض بشأن اتفاق مؤقت في فيينا، وإن ما ينشر في هذا المجال غير صحيح .
وأشار عراقجي إلى أن القرار النهائي سيتخذ في طهران، وأن المسؤولين هناك مطلعون على تفاصيل ما يجري في فيينا.
وكانت وكالة رويترز نقلت الاثنين عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن طهران والقوى العالمية أحرزوا قدرا من التقدم في سبيل إحياء الاتفاق النووي، وإن عقد اتفاق مؤقت قد يسهم في كسب الوقت للتوصل إلى تسوية دائمة.
ويمكن تصنيف كل هذه الجهود من أجل هدف محدد قد تتوصل اليه جميع الأطراف وهو " خطوات مبدئية تضمن التزام إيران بالبنود الأساسية في الاتفاق النووي مقابل رفع عقوبات اقتصادية جزئية ومحددة تكون ثمنا لهذا الالتزام "
وقد تكون هذه الصيغة مرضية في البداية لكل الأطراف المجتمعة في فيينا ومن ثم استمرار المحادثات الشاملة للتوصل الى صيغة نهائية للاتفاق .
وفيما يتعلق بالخطوات التصعيدية من قبل إيران أشار عرقجي إلى أن شروع إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، جاء ردا على الهجوم الذي استهدف منشأة نطنز النووية، وقال إن طهران ستتراجع عن هذه الخطوة إذا نفذ الاتفاق النووي كاملا.
ـ الاتحاد الأوروبي وضرورة الموقف المتشدد في مراحل متقدمة ..
أشار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أمس الاثنين إلى أنه يرى رغبة في إنقاذ الاتفاق المتهاوي، مشيرا إلى حدوث تقدم في محادثات فيينا تهدف لإعادة الولايات المتحدة إليه. وقال "أعتقد أن هناك رغبة جيدة بين إيران والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق، وهذه أنباء سارة"، لكنه لم يخض في التفاصيل، بحسب ما أفادت "رويترز".
كما أضاف "أعتقد أن كلا الطرفين مهتمان حقا بالتوصل إلى اتفاق، وهما يمضيان من القضايا العامة إلى تلك الأكثر تفصيلا، والتي هي بوضوح، من جانب تخص رفع العقوبات ومن الجانب الآخر تتعلق بقضايا العودة عن الانتهاكات والالتزام بالاتفاقية".
وتكمن العقدة الأوروبية في الموازنة بين دور الوسيط الذي يدير هذه المفاوضات وبين الطرف الذي له مطالب أساسية تتعلق بالسياسات الإقليمية وبرنامج الصواريخ البالستية، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي التخلي أو التراجع عن هذه المطالب وضرورة إدراجها في هذه المحادثات لأن الموقف الأوروبي هو الذي فرمل الاندفاع الأمريكي وإدارة بايدن في البداية حول الاتفاق النووي بالإضافة الى مواقف الدول الإقليمية التي كانت متناغمة مع الموقف الأوروبي لتشكل جبهة ضغط واحدة .
وحتى لو كان هناك مرونة أوروبية في بداية هذه المفاوضات في فيينا فإن هذه المرونة قد تتلاشى في المراحل المتقدمة إذا لم يتوصل الجميع الى صيغة مرضية في جميع الملفات الثلاثة " الاتفاق النووي ، السياسات الإقليمية لإيران ، وبرنامجها للصواريخ البالستية " .
وحدة الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية
Comments