
وحدة الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
باريس 27 أبريل 2021 - تنطلق اليوم الثلاثاء في فيينا جلسة رسمية جديدة للجنة المشتركة في الاتفاق النووي الإيراني من أجل متابعة المحادثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني في جولة جديدة استبقتها الولايات المتحدة بالتأكيد على أن أي اتفاق محتمل مع إيران يجب أن يحول دون حيازتها للسلاح النووي بشكل نهائي.
وتأتي الجلسة الثالثة وسط تفاؤل حذر بعد التقارير عن تقدم إيجابي في المحادثات ولكن مع تأكيد في تصريحات الدبلوماسيين من البلدان المشاركة بأن هذا التقدم لا يعني تبلور خطوط رئيسية نحو الاتفاق النهائي .
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن امتلاك إيران للسلاح النووي لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة ولا أوروبا أو الصين أو روسيا.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، الاثنين، أن المحادثات حول الاتفاق النووي الإيراني في فيينا ستستأنف اليوم الثلاثاء برئاسة المدير السياسي للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا.
وأضاف الاتحاد في بيان "سيواصل المشاركون مناقشاتهم لبحث إمكانية عودة الولايات المتحدة (للاتفاق) وكيفية ضمان التنفيذ الكامل والفعال (للاتفاق)".
بدورها قالت الخارجية الإيرانية إن "طريق فيينا واضح، لكنه صعب، ويتطلب إرادة سياسية من واشنطن".
وأعلن الاتحاد الأوروبي فور انتهاء الجولة الماضية: "محادثات فيينا بناءة وسنواصل المسار الدبلوماسي.. منسق اجتماعات اللجنة المشتركة للاتفاق النووي الإيراني سيواصل اتصالاته المنفصلة مع جميع أطراف الاتفاق وأميركا".
وقال بيان الاتحاد الأوروبي "تم إطلاع اللجنة المشتركة على عمل مجموعتي الخبراء بشأن رفع العقوبات وإجراءات الامتثال النووي، وأشار المشاركون إلى أن المباحثات بناءة وتبحث عن حلو
وعلى الرغم من التقدم الإيجابي في مسار المفاوضات ولكن هناك تعقيدات كثيرة لا زالت تنتظر أي اتفاق نهائي، كما أن التفاصيل ستكون معقدة للغاية بين الجانبين ولكن الأهم الأن بالنسبة لجميع الأطراف وخاصة الأطراف الأوروبية هو تحقيق خرق دبلوماسي في الجمود الذي كان يشمل الاتفاق النووي الإيراني .
وفي هذا الاتجاه يمكن أن يكون الأوروبيون أنفسهم عقدة في المفاوضات المتقدمة عندما سيتحولون من طرف وسيط يسعى لمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الى طرف له مطالبه المحددة بما يتعلق بسياسات إيران الإقليمية وبرنامج الصواريخ البالستية وهنا ستكمن التعقيدات المتقدمة القابلة للحل بطبيعة الحال .
ولا يبدو بأن الدول الأوروبية وخصوصا فرنسا ستتخلى عن مطالبها بشمل المحادثات حول السياسات الإقليمية وبرنامج الصواريخ البالستية، ولكن يمكن أن تكون هذه المحادثات بصيغة تتابعية قد تكون في خطوات لاحقة في سلسلة محادثات، أو اللجوء الى صيغ أخرى قد تكون بتغيير خلف الكواليس في السياسات الإقليمية بشكل محدود ولكن الأوروبيون يفهمون جيدا بأن هذا التغيير لن يكون طويل الأمد إلا بضمانات قوية .
ـ خطوات محدودة من الجانبين الإيراني والأمريكي ..
بحسب التقارير تستمر مجموعات العمل في مفاوضات فيينا في مناقشة المسائل التقنية المتعلقة بالعقوبات الأميركية التي يمكن رفعها، وما يقابلها من خطوات إيرانية للعودة إلى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي، أي أن مبدأ الخطوة بخطوة سيكون مطروح على الرغم من النفي الإيراني ولكن الآليات ستبدأ بخطوات محددة من الجانبين بدلا من أن تكون صيغة اتفاق نهائي رغم أن هذه الصيغة لا تزال قائمة .
كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي المساعد السياسي لوزير الخارجية قال في وقت سابق إنه لا يوجد أي تفاوض بشأن اتفاق مؤقت في فيينا، وإن ما ينشر في هذا المجال غير صحيح .
وكانت وكالة رويترز نقلت في وقت سابق عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن طهران والقوى العالمية أحرزوا قدرا من التقدم في سبيل إحياء الاتفاق النووي، وإن عقد اتفاق مؤقت قد يسهم في كسب الوقت للتوصل إلى تسوية دائمة.
ويمكن تصنيف كل هذه الجهود من أجل هدف محدد قد تتوصل اليه جميع الأطراف وهو " خطوات مبدئية تضمن التزام إيران بالبنود الأساسية في الاتفاق النووي مقابل رفع عقوبات اقتصادية جزئية ومحددة تكون ثمنا لهذا الالتزام "
وقد تكون هذه الصيغة مرضية في البداية لكل الأطراف المجتمعة في فيينا ومن ثم استمرار المحادثات الشاملة للتوصل الى صيغة نهائية للاتفاق .
وفيما يتعلق بالخطوات التصعيدية من قبل إيران أشار عرقجي إلى أن شروع إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، جاء ردا على الهجوم الذي استهدف منشأة نطنز النووية، وقال إن طهران ستتراجع عن هذه الخطوة إذا نفذ الاتفاق النووي كاملا.
ـ الاتحاد الأوروبي وضرورة الموقف المتشدد في مراحل متقدمة ..
أشار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى أنه يرى رغبة في إنقاذ الاتفاق المتهاوي، مشيرا إلى حدوث تقدم في محادثات فيينا تهدف لإعادة الولايات المتحدة إليه. وقال "أعتقد أن هناك رغبة جيدة بين إيران والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق، وهذه أنباء سارة"، لكنه لم يخض في التفاصيل، بحسب ما أفادت "رويترز".
كما أضاف "أعتقد أن كلا الطرفين مهتمان حقا بالتوصل إلى اتفاق، وهما يمضيان من القضايا العامة إلى تلك الأكثر تفصيلا، والتي هي بوضوح، من جانب تخص رفع العقوبات ومن الجانب الآخر تتعلق بقضايا العودة عن الانتهاكات والالتزام بالاتفاقية".
وتكمن العقدة الأوروبية في الموازنة بين دور الوسيط الذي يدير هذه المفاوضات وبين الطرف الذي له مطالب أساسية تتعلق بالسياسات الإقليمية وبرنامج الصواريخ البالستية، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي التخلي أو التراجع عن هذه المطالب وضرورة إدراجها في هذه المحادثات لأن الموقف الأوروبي هو الذي فرمل الاندفاع الأمريكي وإدارة بايدن في البداية حول الاتفاق النووي بالإضافة الى مواقف الدول الإقليمية التي كانت متناغمة مع الموقف الأوروبي لتشكل جبهة ضغط واحدة .
وحتى لو كان هناك مرونة أوروبية في بداية هذه المفاوضات في فيينا فإن هذه المرونة قد تتلاشى في المراحل المتقدمة إذا لم يتوصل الجميع الى صيغة مرضية في جميع الملفات الثلاثة " الاتفاق النووي ، السياسات الإقليمية لإيران ، وبرنامجها للصواريخ البالستية " .
وحدة الأزمات الدولية | الملف النووي الإيراني
مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية
Opmerkingen