
بقلم : ناصر زهير - برلين 9 أغسطس 2020 ، في أوجه الصراعات الدولية الجديدة تغيرت قوانين الحروب والصراعات لتتحول الى القوة الناعمة التي تشكلها اللوبيات السياسية والاقتصادية للدول حول العالم، وأهم هذه اللوبيات تلك التي تكون متواجدة في مراكز صنع القرار السياسي والاقتصادي للدول الكبرى التي تشكل ثقل في النظام الدولي الجديد.
وفي كل الأزمات والحروب التي تواجه بلداننا العربية لا نملك نحن عرب أوروبا سوى كتابة بعض المقالات والكلمات التي تظهر تعاطف وتضامن وعمل خجول في بعض المؤسسات الدبلوماسية الأوروبية والدولية ..
ولكن ماذا لو ترافقت تلك المنشورات والجهود الخجولة مع 10 أعضاء في كل برلمان أوروبي من برلمانات الدول الأوروبية الكبرى " فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، إسبانيا، النمسا، السويد، بلجيكا، بريطانيا، سويسرا "، كيف سيكون التأثير بوجود هؤلاء الأعضاء الذين يصنعون لوبي قوي يعمل لخدمة المصالح العربية الاستراتيجية .
10 أعضاء برلمان في كل بلد هذا يعني بأنهم يستطيعون استدعاء وزراء واستجوابهم وزلزلة عرش حكومات أوروبية من أجل اتخاذ مواقف سياسية واقتصادية تخدم المصالح المشتركة للشعوب العربية والأوروبية .
من يتابع اللوبيات الإيرانية والإسرائيلية في أوروبا يعرف حجم القوة الناعمة والخشنة سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا التي صنعوها خلال الثلاثين السنة الماضية منذ عام 1992 الى اليوم، والأمر لا يتعلق فقط بالبرلمانات والأحزاب السياسية فقط بل يتعلق أيضا بالمواقع السياسية والاقتصادية من البلديات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية .
أمامنا 10 سنوات للبدء باستراتيجية بين الشباب العرب الأوروبيين من أجل صناعة لوبيات سياسية واقتصادية قوية حتى العام 2032 ..
ولم يفت الأوان بعد من أجل البدء باستراتيجيات حقيقية ومستدامة من أجل صناعة هذه اللوبيات وليس شرط أن تكون موحدة وفي مشروع موحد لا يوجد أي أهمية لذلك، الأهم هو أن تعمل هذه اللوبيات وفق رؤية تصل الى الهدف الموحد حتى وإن تضاربت فيما بينها فإن هذا سيقودنا الى تنسيق المصالح المشتركة فيما بينهم .
الانضمام الى الأحزاب الأوروبية الكبرى لا يتطلب الحصول على جنسية ولا يتطلب أن يكون المنتسب ذو قوة كبيرة المهم أن يكون مؤمن بمبادئ هذا الحزب و بأنه قادر على التدرج فيه والوصول الى مراحل متقدمة في قيادته .
وهذه الأحزاب ترحب بانضمام الشباب العرب شبان وفتيات من أجل العمل على مبادئ مشتركة تفيد الحزب والفرد و — المصالح الخارجية للدول —وهذه الجملة يجب أن نضع تحتها عشرات الخطوط حتى تجذب انتباه القائمين على الأحزاب والمؤسسات الدبلوماسية والاقتصادية .
هذا الضعف في التأثير في مراكز صنع القرار السياسي والاقتصادي في دول العالم الكبرى يجب أن ينتهي وإذا كنا نريد أن يكون هناك نهضة اقتصادية وسياسية لبلداننا فيجب أن نعمل من هنا ..
فمراكز صنع القرار السياسي والاقتصادي الدولي مهمة جدا للغاية في هذه المرحلة الحساسة من إعادة بناء النظام العالمي السياسي والاقتصادي خلال العشر سنوات القادمة .
على سبيل المثال :
العرب الفرنسيين في فرنسا حوالي 8 ملايين من أصل 80 مليون عدد سكان فرنسا أي ما يعادل 10٪ من سكان فرنسا ..
وبمبدأ النسبة والتناسب فإن عدد النواب الفرنسيين من أصول عربية يجب أن يكون 57 من أصل 577 نائب عدد أعضاء البرلمان الفرنسي ..
وعلى أرض الواقع فإن النواب الفرنسيين من أصول عربية لا يتجاوز عددهم 10 أي أقل من 2٪ من عدد السكان ..
نصيحتي الى كل الشباب العرب الموجودين في البلدان الأوروبية أبدأو بالخطوة الأولى وانضموا للأحزاب الكبرى الموجودة في بلدانكم و انضمامكم الى هذه الأحزاب لا يتطلب حصولكم على الجنسية أو دفع مبالغ طائلة ، يتطلب منكم فقط العمل والإيمان بمبادئ هذا الحزب والتدرج في صفوف قياداته خلال الخمس سنوات القادمة وبعدها ستجدون أنفسكم مرشحين على قوائم هذه الأحزاب الى البرلمانات إن أثبتم أنكم قادرين على ذلك .
ابحثوا عن أسم " لمياء قدور " في ألمانيا وستجدون مسيرة قصيرة ناجحة أوصلتها الى البرلمان الألماني البوندستاغ ، ويمكنكم العمل وفق خطواتها وربما تحقيق نجاح أكبر .
لا يمكن أن نبقى في هذا الضعف إذا أردنا أن نكون في مكان متقدم لأمتنا ومنطقتنا في خارطة القوى العالمية سياسيا واقتصاديا خلال العشر سنوات القادمة، والأهم من ذلك أيضا أن نفصل أنفسنا عن الخلافات الإقليمية في منطقتنا ونعمل وفق المصالح العربية السياسية والاقتصادية المشتركة .
تجربة الألمان في إعادة بناء بلدهم بعد دمارها في الحرب العالمية الثانية واللعب على وتر التحالفات الدولية واستغلال الفرص السياسية والاقتصادية هي كتاب دستور أهداه إلينا المحاربين القدماء الذين أعادوا الى البوندستاغ عظمته من جديد .
ناصر زهير
المنظمة الأوروبية للسياسات الدبلوماسية والاقتصادية
مشروع صناعة اللوبيات السياسية والاقتصادية 2032
برلين 9 أغسطس 2022
Kommentare